والحق هو الأول مع الإمكان ، لشهادة العرف بإرادة الفحص في مثل ذلك ، كما مرّ بيانه في مسألة الاجتناب عن الاستقبال ، في آداب الخلوة.
ولو عصى وترك الاعتبار لم تجز له الصلاة ، لأنّ المفهوم عرفا وجوب تأخير الصلاة عن الفحص ، إلاّ أن تركه حتّى ضاق الوقت عنه فيصلّي تماما ، للأصل المذكور.
ولو ظهر بلوغ المسافة بعد الاعتبار حينئذ لم تجب الإعادة ، للإتيان بالمأمور به المقتضي للإجزاء.
ولو صلّى قصرا أعاد مطلقا ، وإن ظهر أنّه مسافة ، لأنّ فرضه التمام ولم يأت به ، وما أتى به لم يؤمر به.
ولو سافر مع ظنّ عدم بلوغ المسافة ، ثمَّ ظهر في الأثناء أنّ المقصد مسافة ، يجب التقصير حينئذ وإن قصر الباقي عن المسافة ، لظهور كونه قاصدا للمسافة أولا ، لأنّه كان قاصدا لمسافة معيّنة ، غايته عدم علمه بكونه مسافة وعلمه حينئذ ، فيعلم كونه قاصدا للمسافة أولا. وأمّا اشتراط علمه أولا بأنّ مقصوده مسافة أيضا فلا دليل عليه ، والأصل ينفيه. مع أنّ في مرسلة ابن بكير : « إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته التي يؤمّ بريدان قصّر » (١) وهو صادق في المورد.
ولا تجب إعادة ما صلّى تماما قبل ذلك ، لأنّه صلّى صلاة مأمورا بها ، والأحوط الإعادة مع بقاء الوقت ، بل هو الأظهر فيه.
وهل يقوم الظنّ ببلوغ المسافة مقام العلم؟
ظاهر الدليل : لا ، ولو كان حاصلا من شهادة العدل بل العدلين ، لأنّ الأصل حرمة العمل بالظنّ وعدم حجيّته إلاّ ما قام عليه دليل ، ولا دليل على اعتبار العدل أو العدلين في خصوص المورد أو كليا.
و : لا يضمّ الذهاب مع الإياب في الأربعة ، كما كان يضمّ في الثمانية وجوبا عند جماعة ، وجوازا على الأقوى ، للأصل ، واختصاص الدليل بالثمانية ، ولصريح
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢١ ـ ٦٤٨ ، الوسائل ٨ : ٤٩٢ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ٣.