عليه.
وأمّا الثلاثة المتعقّبة لها فلعدم دلالتها على الوجوب ، مضافا إلى تفرقة الموثقة بين وقتي الفضيلة والإجزاء أو الإجزاء والاختيار ، وهي في أحد حكميها موافقة للقول الأوّل وفي الآخر للثاني فلا ترجيح لجعلها دليلا على الثاني.
وضعف الأخيرتين سندا. فتبقى أدلّة القول الأوّل سليمة عن المعارض المقاوم. وبها يخرج عن الاستصحاب أيضا.
وقد يدفع أيضا بأنّه إن أريد استصحاب نفس الحضر فهو قد انقطع ، وإن أريد استصحاب حكمه فتعلّق الإتمام به عينا ممنوع ، ومخيّرا في إيقاعها في أجزاء الوقت يستلزم تخييره بين ما يستتبعه كلّ جزء ، فقد يصير تكليفه الصلاة بالتيمم وغير ذلك (١).
وفيه : أنّ المستصحب هو وجوب التمام التخييري بين أجزاء الزمان ، وهو وإن استلزم التخيير بين ما يستتبعه ولكن الشك فيما يستتبعه.
وأمّا الاستدلال بحصول اليقين بالتمام ففساده ظاهر ، لأنّ القصر والإتمام ماهيتان مختلفتان.
ومن ذلك يظهر سقوط القول الثاني أيضا ، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من قوله في صحيحة محمّد : « يدخل من سفره » أي يشرف عليه وكأنّ في الإيراد بصيغة المضارع إعانة على ذلك ، وكذلك المراد من : « خرج إلى سفره » أراد الخروج وأشرف عليه.
المسألة الرابعة : لو دخل عليه الوقت في السفر ولم يصلّ حتى دخل منزله فالمشهور بين المتأخّرين بل مطلقا ـ كما قيل ـ وجوب الإتمام ، وهو الأقوى ، فيعتبر أيضا حال الأداء ، وبه قال جمع ممّن قال في المسألة السابقة باعتبار حال الوجوب ، أو توقّف كالفاضل والشهيدين وصاحب الذخيرة (٢).
__________________
(١) انظر : غنائم الأيام : ١١٨.
(٢) الفاضل في المختلف : ١٦٧ ، والشهيدين في البيان : ٢٦٤ ، والروض : ٣٩٨ ، الذخيرة : ٤١٥.