والإجمال من حيث المبدإ ، فإنّ مبدأه لا يتعيّن هل هو من الموقف أو المسجد. ولا يفيد قوله : « إذا سجد » في الصحيحة ؛ لاحتمال تعلّقه بقوله : « قدر ذلك » كما يحتمل التعلّق بالجسد.
مع ما في الأوّل من الاستبعاد الواضح ـ كما صرّح به في المعتبر (١) ـ بل الامتناع ، إذ مع تقارب الموقفين بهذا القدر الّذي لا يزيد على شبرين غالبا لا يتمكّن المصلّي عن السجدة بل يكون مسجده محلّ ركبته أو ملاصقا معه.
وما في الثاني من عدم القائل ظاهرا ، فإنّ الظاهر أنّ من اعتبره اعتبره من الموقف. فتأمّل.
مع أنّ في الحمل على هذا المعنى إجمالا من جهة أخرى أيضا ، فإنّ معنى : « ما لا يتخطّى » ما لا يعتاد تخطّيه أو ما ليس من شأنه ذلك ، وهذا كما يمكن أن يكون من جهة الإفراط يمكن أن يراد من جهة التفريط ويكون المعنى : إذا كان بينهم ما لا يتخطّى من القلّة فلا صلاة لهم ، لعدم إمكان السجدة.
وظهر من جميع ذلك سرّ عدم اعتناء الأكثر في اعتبار مقدار البعد إلى الصحيحة.
وأمّا الثانية (٢) فلعدم العلم بصحّة روايات الدعائم وعدم انجبار هذه الرواية أيضا ، مضافا إلى قصور دلالتها أيضا لبعض ما تقدّم.
وإذ قد عرفت أنّ المستند في المسألة هو الإجماع خاصّة فاللازم فيما يتفرّع عليها الاقتصار على ما ثبت انعقاده عليه.
ومنه : مقدار البعد المبطل ، فيجب تحديده بما ثبت الإجماع على اشتراط انتفائه.
ولا يبعد انعقاده على ما يقال في العرف : إنّ هذا الصفّ بعيد كثيرا عن ذلك الصفّ ، إذ لا خلاف في البطلان به ، إلاّ ما حكي عن المبسوط من حكمه
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٤١٩.
(٢) مراده (ره) من الثانية رواية الدعائم الّتي استدلّوا بها لمسألة عدم التباعد ، راجع ص ٦٦.