لاندفاع الأول بأنّه قد عرفت عدم تعيين خصوص معنى للصحيحة ، وأمّا ما انتفى فيه المعنيان فلم يقم فيه ستّة أشهر ولم يقصد إقامتها بعد ذلك أيضا لا يكون البتة وطنا عرفا حتّى يحصل التعارض.
والثاني بمنع عدم صدق أهله على الوطن الشرعي بالمعنى الّذي ذكرنا ، فإنّ أهل كلّ شخص ليس غير عياله وعشيرته ، وكنّي هنا به عن وطنه ، فيمكن أن يراد به الوطن الشرعي أيضا.
ثمَّ لا يخفى أنّه يشترط وجود المنزل على كلّ من الوطنين ، ووجهه ظاهر. ولا يتوهّم كفاية مطلقه من غير اعتبار الوطنية من جهة دلالة أخبار كثيرة على الإتمام في المنزل والبيت والدار ، إذ لا شكّ أنّه يجب تقييدها بالوطن ، لأخباره الّتي هي منها أخصّ ، خصوصا صحيحة ابن يقطين الثالثة (١).
فروع :
أ : اللازم في الموطن العرفي صدق كونه من أهله ، فلو كان قبل ذلك ، كأن يكون أول أمره وأراد حينئذ السكنى فيه دائما ، ولكنّه لم يدخل بعد تحت اسم أهله ، لا يجوز له الإتمام فيه ، بل يرجع إلى قواعد السفر ، للاستصحاب ، وعدم صدق الأهل الّذي هو مناط الوطن العرفي ، ولا ثبوت الوطن الشرعي. نعم لو مضى على ذلك ما يصدق معه الوطن الشرعي أتمّ.
ب : لا تشترط في المنزل الملكية ، لصدق المنزل على المستأجرة والمعارة ونحوهما ، والمنزل أعمّ من المملوك وغيره. نعم في بعض الأخبار قيّد بمنزل له أو منزله أو بيته أو داره ، والمتبادر من هذه اللام والإضافة الاختصاص دون الملكية.
ومنه يظهر عدم الاكتفاء بالوقوف العامّة ، كما صرّح به في الذخيرة (٢) ، لعدم تبادر هذا النوع من الاختصاص. وأمّا الخاصّ به فلا شكّ في دخوله فيه ، كما نقله
__________________
(١) المتقدمة في ص ٢٣١.
(٢) الذخيرة : ٤٠٨.