ورواية أبي سعيد الخراساني : في رجلين سألاه عن التقصير ـ إلى أن قال ـ : وقال للآخر : « وجب عليك التمام لأنّك قصدت السلطان » (١).
ورواية إسماعيل بن أبي زياد : « سبعة لا يقصرون الصلاة » إلى أن قال : « والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا ، والمحارب الّذي يقطع السبيل » (٢).
ثمَّ إنّ صريح هذه الأخبار عدم التقصير في السفر الّذي تكون غايته حراما أي يقصد بسفره أمرا محرّما. ولا ريب فيه.
ومقتضى فتاوى الأصحاب والإجماعات المنقولة الإتمام فيه وفيما إذا كان السفر نفسه معصية حراما أيضا وإن لم تكن غايته كذلك كالناشزة المسافرة إلى صلة الأرحام ، وقد صرّح بذلك جماعة (٣).
واستدلّوا له بعموم صحيحة ابن مروان ، وعموم التعليل في الروايتين المتعقّبتين لها ، وبالاستثناء في المرسلة ، وبأنّ التقصير تخفيف من الله سبحانه ورحمة منه وتعطّف لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بظعنه وإقامته كما صرّح به في مرسلة الفقيه (٤) ، ولا شكّ أنّ التخفيف والرحمة والتعطّف للعاصي لا يناسب الحكمة ، وبأنّ المنع عن التقصير لمن غاية سفره معصية يقتضي منعه لمن نفس سفره معصية بالطريق الأولى.
أقول : تحقيق المقال إنّ السفر الّذي يعصى فيه على أقسام أربعة :
الأول : أن تكون غايته معصية أي يكون المقصود منه كلا أو جزءا معصية ، بمعنى أن يكون سفره لأجل الوصول إلى المعصية.
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢٠ ـ ٦٤٢ ، الاستبصار ١ : ٢٣٥ ـ ٨٣٨ ، الوسائل ٨ : ٤٧٨ أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٦.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨٢ ـ ١٢٨٢ ، التهذيب ٤ : ٢١٨ ـ ٦٣٥ ، الاستبصار ١ : ٢٣٢ ـ ٨٢٦ ، الوسائل ٨ : ٤٧٧ أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٥.
(٣) منهم صاحب المدارك ٤ : ٤٤٦ ، والمحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٠٩ ، وصاحبا الرياض ١ : ٢٥٢ ، والحدائق ١١ : ٣٨١.
(٤) الفقيه ١ : ٢٩٠ ـ ١٣٢٠ ، الوسائل ٤ : ٨٧ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٤ ح ٥.