والثاني : أن لا تكون الغاية حراما ولكن يكون أصل السفر منهيّا عنه شرعا ذاتا ، خصوصا كالفرار من الزحف ، أو عموما كالإباق من المولى ، والنشوز عن الزوج ، وسفر الولد بدون إذن الوالد ، وسلوك السبيل المخوف ، أو مع المرض المضرّ معه السفر ونحو ذلك.
ومن هذا القسم ما كان السفر تصرّفا في ملك الغير فإنّه يكون هذا السفر منهيّا عنه ، لأنّ النهي عن تصرّف ملك الغير نهي عن جميع أفراد التصرّف منها الحاصل بسبب السفر ، كالسفر بركوب الدابة المغصوبة ، فإنّ الحركة السفرية عين التصرّف في الدابة ، وكالسفر بالنعل الغصبي.
والثالث : أن لا يكون الغاية محرّمة ولا السفر منهيّا عنه ذاتا وأصالة ، ولكن كان مستلزما لمحرّم وعلّة وسببا له حتّى يكون السفر محرّما بالتبع ، ومن هذا القسم ما كان ضدّا خاصا لواجب مضيّق يستلزم السفر تركه.
والرابع : أن لا يكون الغاية محرّمة ولا السفر علّة لمحرّم ، ولكن تصاحبه المعصية ولا ينفكّ فيه عن معصية ، كأن يكون مشغولا بغيبة شخص أو بالملاهي الّتي كان مشغولا بها في الحضر أيضا.
ولا شكّ في عدم الترخّص في كلّ ما كان من القسم الأوّل ، والإجماع عليه منعقد والأخبار به ناطقة.
كما أنّه لا شكّ في الترخّص في ما كان من القسم الرابع ، لعمومات السفر ، وكونه جائزا قطعا ، وأصالة عدم حرمته.
وإنّما وقع الخلاف في الثانيين عن ثاني الشهيدين (١) ، فرخّص فيهما أيضا ، لاختصاص الأخبار بالأوّل.
وممّن لحقه من فرّق بين القسمين فلم يرخّص في الثاني ورخّص في الثالث (٢) ، نظرا إلى عدم جعله الحرام التبعي معصية ، أو عدم قوله بكون مسبّب
__________________
(١) في روض الجنان : ٣٨٨.
(٢) المدارك ٤ : ٤٤٧ ، الذخيرة : ٤٠٩.