سماع الأذان ومشاهدة الجدران فالظاهر ـ كما صرّح به جماعة (١) ـ عدم الخلاف في عدم القصر ، ويدلّ عليه الأصل.
وإن لم يبلغ فالمقطوع به في كلام الأكثر عدم جواز القصر أيضا ، لأنّ من هذا شأنه ينقطع سفره بالرجوع ، وإلاّ لزم القصر لو تردّد في فرسخ ثمان مرّات ، ولعدم صدق المسافر عليه شرعا ولا عرفا.
وللتأمّل في الوجهين مجال.
والأولى أن يقال في الدليل : إنّ الأصل لزوم الإتمام خرج منه قاصد الثمانية أو الأربعة الّتي لا تكون ملفّقة من الذهاب والإياب أو تكون ملفّقة منهما فقط من غير أن يضمّ معهما عود ثالث ، فيبقى الباقي ، ولعموم قوله في مرسلة ابن بكير : « وإن كان دون ذلك أتمّ » (٢).
فالحكم بالتمام فيه لازم ، والخلاف فيه ـ كما عن التحرير (٣) ـ ضعيف غايته.
والاحتجاج بثبوت التلفيق باطل ، لأنّ الثابت منه ـ وجوبا كما قيل ، أو جوازا كما هو الأصح ـ تلفيق إياب مع ذهاب كما هو مورد دليله ، لا تلفيق التكرار ثلاثا أو أربعا. وهو السرّ في عدم القصر في الفرسخ المتكرر فيه ثمان مرّات ، لا عدم صدق السفر كما قيل (٤) ، وإلاّ لما جاز في فرسخ حول بلده يدور في عمله أيضا ، لعدم التفاوت.
ط : لو قصد المسافة عرضا لا طولا ، كأن يقصد البعد عن بلده فرسخا يدور عليه حول بلده حتى بلغ المسافة ، يقصر ، لصدق المسافة ، ولقوله في صحيحة ابن يقطين : « وإن كان يدور في عمله » (٥) قال في الوافي : معناه : وإن كان
__________________
(١) منهم المحقق السبزواري في الذخيرة : ٤٠٧.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٢١ ـ ٦٤٨ ، الوسائل ٨ : ٤٩٢ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ٣.
(٣) التحرير ١ : ٥٥.
(٤) انظر الذكرى : ٢٥٧ ، والحدائق ١١ : ٣١١.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٠٩ ـ ٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٥ ـ ٧٩٩ ، الوسائل ٨ : ٤٥٥ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٦.