وهب المتقدّمتين (١) ، وصحيحة أبي ولاّد وغيرها الآتية في مسألة الإتمام في المواطن الأربعة (٢) وغير ذلك.
والصنف الأول مجمل من حيث محلّ الإقامة ، والثانيان شاملان لإقامة البيت والمحلّة والبلد والرستاق والمملكة ونحوها ، ولا شكّ في تفاوت حكم الخارج بقصد كلّ منها ، إلاّ أنّ الصنف الأخير أخصّ مطلقا من الجميع ، فيجب الحمل على إقامة البلدة ونحوها من القرية ، لأنّها أيضا بحكمها إجماعا ، حملا للمطلق على المقيّد ، والمجمل على المبيّن.
وحمل الإقامة على ترك السفر حتّى لا يحتاج إلى المضاف إليه لا دليل عليه ، لأنّه ليس معنى الإقامة لغة ولا شرعا ولا عرفا ، مع أنّ ناوي الإقامة مسافر عرفا أيضا ، وأيضا نرى أنّه لو كان يقول : من أقام في بيت عشرة أيام يتمّ ، كان يختلف حكمه مع قوله : من أقام في محلّة أو أقام في بلد ، ولو كان المراد ترك السفر لم يختلف البتة ، ويحصل من ذلك أنّ متعلّق حكم الإتمام هو قصد إقامة البلد أو القرية أو المصر أو المدينة أو نحوها.
وعلى هذا فلا بدّ من الرجوع في معنى المضاف والمضاف إليه إلى العرف.
ومعنى الأول عرفا واضح ، وهو التوقّف في ذلك الموضع وعدم الخروج منه ، وهو يختلف باختلاف المدة ، فلو قال : أقم في البيت الدقيقة الفلانية ، يعصى بالخروج منه بنصف دقيقة ، ولو قال : أقم فيه شهرا ، لا يعصى بالخروج إلى حواليه دقيقة عرفا على الظاهر ، بل ولا ساعة أو ساعات إذا لم يبعد المسافة كثيرا.
وأمّا الثاني فلا شكّ في صدقه على ما أحاط به سور البلدة أو القرية أو ما تجمعه حدود بنيانها ودورها ، ولكن قد يقتصر على ذلك في العرف كما يقال لمن أقام عند درب بغداد : ما دخل بغداد واجتاز منها ، ولذا لو نذر أحد أن لا يدخل بغداد لا يحنث لو ذهب إلى قرب سوره.
__________________
(١) راجع ص ٢٤٣ ، و ٢٤٤.
(٢) انظر ص ٣٠٧.