هو معلّق بعدم الحائل بينه وبين الصفّ المتقدّم ، فلا وجه للاحتجاج بكفاية المشاهدة المطلقة سيّما مع تصريح الصحيحة بعدم صحة صلاة غير من بحيال الباب.
والعجب من شيخنا صاحب الحدائق ، حيث إنّه بعد ما نقل الاستشكال في صحّة صلاة من على يمين الباب ويساره عن الذخيرة استنادا إلى ظاهر الصحيحة ، قال ما خلاصته : إنّ منشأ الشبهة تخصيص المشاهدة الّتي هي شرط صحّة القدوة بمشاهدة من يكون قدّامه دون من على يمينه ويساره ، ولازمه أنّه لو استطال الصفّ الأوّل على وجه لا يرى من في طرفيه الإمام تبطل صلاتهم حيث إنّهم لا يشاهدون الإمام ولا تكفي مشاهدة من على اليمين واليسار. وكذلك لو استطال الصفّ الثاني أو الثالث زيادة على ما تقدّمه وكان في مقابل الزيادة جدار دون المأموم يلزم بطلان صلاة الزيادة لعدم وجود المأموم قدّامهم ولعلّه لا يقول به. والظاهر من قوله : « إلاّ من كان بحيال الباب » يعني من الصفوف لا من المأمومين بقرينة قوله : « وأيّ صف كان أهله » إلى آخره. ومثل الصورتين وقوف بعض المأمومين خلف الأساطين بحيث كانت الأسطوانة في قبلته فهو لا يرى من قدّامة من المأمومين وإنّما يرى من على يمينه ويساره ، مع أنّ صحيحة الحلبي (١) دلّت على أنّه لا بأس بالصلاة بين الأساطين (٢). انتهى.
وفيه : أنّه لم يثبت اشتراط صحّة القدوة بالمشاهدة من دليل ، بل الثابت اشتراط انتفاء الحائل بين أهل صفّ وأهل الصفّ المتقدّم ، فليس المنشأ تخصيصا في المشاهدة بل صدق الحائل.
ومنه يظهر عدم لزوم بطلان الصلاة في الصفّ المستطيل الأوّل ؛ لعدم الحائل. وعدم المشاهدة باعتبار طول المسافة غير ضائر كالظلمة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٨٦ الصلاة ب ٦٢ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٢٥٣ ـ ١١٤١ ، التهذيب ٣ : ٥٢ ـ ١٨٠ ، الوسائل ٨ : ٤٠٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٥٩ ح ٢.
(٢) الحدائق ١١ : ٩٩.