لغير مريد الرجوع في يومه إجماعا (١) ، وكذا صرّح بالإجماع على عدم تحتّم التقصير في الأربعة بعض الأجلة في شرح الروضة ، وصرّح بعض مشايخنا بإجماع من عدا العماني على عدم التحتم أولا ، وبالإجماع المطلق ثانيا (٢).
ولا شك أنّ بذلك يضعّف أخبار التحتّم جدّا ، فإنّ كلا من شهرة القدماء على خلاف خبر ، وشذوذ القول بمضمونه ممّا يخرجه عن الحجّية ، بل المخرج هنا حقيقة الإجماع ، إذ لو لم يثبت الإجماع هنا لم يثبت إجماع لم يقدح فيه مخالفة معروف النسب ولا الشاذّ.
وعلى هذا فيبقى القول بالتحتّم بلا دليل صالح للحجية ، مع أنّه على فرض وجوده يكون في إزائه الرضوي المذكور الّذي بما مرّ مجبور ، وهو مع أنّه كاف في نفسه لإثبات التخيير يصلح قرينة لحمل الأوامر فيها على الجواز ، سيّما مع ما في دلالة هذه الأوامر على الوجوب من الكلام ، من جهة كونها في مقام توهّم الحظر بل مسبوقيّتها به.
مضافا إلى ما عرفت من ظهور أخبار الثمانية والبريدين ونحوهما في الممتدّة ، وإلى عدم رجحان أخبار الأربعة عن الرضوي باعتبار موافقة الكتاب ، ولا مخالفة العامة ، لأنّ التخيير أيضا كذلك ، مع أنّ في رجحانها عن أخبار تحتّم الإتمام بالأول أيضا نظرا ، لأنّ الضرب في الأرض حقيقة في معنى لا يراد هنا قطعا ، ويمكن أن يكون مجازه السفر ، وصدقه على السير في الأربعة مطلقا محلّ نظر.
مع أنّ الرضوي أخصّ من الجميع باعتبار اختصاصه بغير مريد الرجوع ليومه ، فيجب التخصيص به. وهذا هو وجه ردّ الدليلين الأخيرين لضمّ الإياب مع الذهاب المشار إليه في المسألة الثانية (٣).
هذا كلّه مع دلالة جميع أخبار القسم الأول من أخبار الأربعة على جواز
__________________
(١) نتائج الأفكار ( رسائل الشهيد الثاني ) : ١٧٢.
(٢) انظر الرياض ١ : ٢٥٧.
(٣) راجع ص ١٨٧ ، و ١٨٨.