وتبصرة إن كنتم تعقلون ، ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون ، وإلى الخلف الباقين منكم لا يقفون قال الله تبارك وتعالى ( وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) (١) وقال ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (٢) أولستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى ، فميت يبكي ، وآخر يعزى ، وصريع يتلوى ، وعائد ومعود ، وآخر بنفسه يجود ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضين يمضي الباقي ، والحمد لله رب العالمين رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، ورب العرش العظيم الذي يبقى ويفنى ما سواه ، واليه يؤول الخلق ويرجع الأمر ، ألا أن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيدا ، وهو سيد أيامكم ، وأفضل أعيادكم ، وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره ، فلتعظم رغبتكم فيه ، ولتخلص نيتكم فيه ، وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران ، فان الله عز وجل يستجيب لكل مؤمن دعاه ، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته ، قال الله عز وجل ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (٣) وفيه ساعة مباركة لا يسأل الله عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه ، والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين ، غفر الله لي ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا ، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا ، إن
__________________
(١) سورة الأنبياء (ع) ـ الآية ٩٥.
(٢) سورة آل عمران ـ الآية ١٨٢.
(٣) سورة المؤمن ـ الآية ٦٢.