سقوط القراءة المختص بحكم التبادر بالمتعينة منها كمعاقد الإجماعات السابقة لا مطلقا بحيث يشمل المخير بينها وبين التسبيح ، بل المرجوحة بالنسبة إليه كما قيل ، واحتمال إرادة الأعم منها ومن الأذكار من لفظ القراءة بعيد جيدا ، بل قد يقطع بفساده بملاحظة النصوص والفتاوى ، ولذا لم يسقط القنوت والأذكار ونحوها ، فيتجه حينئذ الاستدلال بالأخبار الحاصرة ضمان الإمام في القراءة خاصة على المطلوب بعد حمل القراءة فيها على المتعينة ، على أنه لو سلم شمولها للقراءة المخيرة لم تكن دالة على سقوط التسبيح الذي هو أحد فردي التخيير أو أفضلهما ، بل قد يشعر بعض تلك الأخبار بأن مدار سقوط القراءة وعدمه السماع وعدمه ، على أن السقوط هنا عن المأموم ليس إلا لضمان الامام ، وهو لا يكون إلا حيث يختار الإمام القراءة ، لعدم دليل يقتضي ضمانه غيرها ، واحتمال اندراج التسبيح فيها قد عرفت بعده ، وفي غالب الأوقات يثبت عدم معرفة المأموم حال الامام واختياره القراءة أو التسبيح ، ولم يتعارف تنبيه المأمومين لذلك ، بل المتعارف خلافه ، ولغير ذلك من السيرة والطريقة ونحوهما.
فما عن ابني إدريس وحمزة من القول بسقوطهما حتما عند الأول منهما وجوازا عند الآخر كالمحكي عن ظاهر المرتضى وابن سعيد والفاضل في المنتهى وغيرهم ضعيف محجوج بجميع ما عرفت ، بل وبأولوية الجواز في الأخيرتين من الأولتين ـ لما عرفت من أن التحقيق الجواز فيهما على الكراهة ـ لا شاهد له يعتد به سوى ما تقدم وسوى خبر ابن سنان (١) عن الصادق عليهالسلام المروي في المعتبر « إذا كان مأمونا فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين » وهو مع إرساله محتمل أو مظنون أنه عين صحيح ابن سنان المتقدم المشتمل على خلاف ذلك ، واحتمال عثور المصنف عليه في بعض الأصول يدفعه
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٦.