لا أنها دالة على العدم.
لكن قد يخدش هذا الدفع بإمكان الفرق بين الفرض في المقام وبين الأوامر المطلقة بنحو ما يفرق به بين المجمل والمطلق ، إذ هو أشبه شيء بالأول ، بل هو منه ، وهي من الثاني ، فإنها وإن كانت لا دلالة فيها على عدم القيود لكن الامتثال مستند إلى ظهورها بعد نفي المقيدات بالأصل في إرادة المكلف مصداق الطبيعة أي فرد كان بخلاف ما نحن فيه ، إذ لم يفرض هناك شيء يستند إلى إطلاقه ، بل فرض قطع النظر عن أدلة المضايقة والمواسعة حتى الإطلاقات والرجوع إلى مقتضى الأصول بعد إحراز القدر المتيقن من القولين ، وهو مطلق الوجوب لا الوجوب المطلق ، فتأمل جيدا فإنه قد يدق ، بل ربما خفي على بعض المدققين من المعاصرين.
وكيف كان فلا ريب في شهادة الأصل للمواسعة ، مضافا إلى إطلاق ما دل على صحة الحاضرة بفعلها في وقتها جامعة للشرائط ، إذ ما شك في شرطيته ليس بشرط عندنا ، وإلى إطلاق ما دل (١) على وجوب الحواضر بدخول أوقاتها ، بناء على ما عساه يظهر من بعض عبارات أهل المضايقة من خروج سببية الوقت عن الوجوب لمن عليه فوائت ، وانحصاره في وقت الضيق ، لا أنها كالظهر والعصر في الوقت المشترك ، وإلى إطلاق ما دل (٢) على وجوب قضاء الحاضرة إذا مضى من الوقت مقدار ما يسع الفعل جامعا لما يعتبر فيه من الشرائط ، إذ على المضايقة لا يتحقق ذلك لمن كان عليه فوائت ، بل لا بد من مضي زمان يسع الجميع ، أو إدراك وقت الضيق ولم يفعل ، لأن صحة الحاضرة مشروطة بفعل الفائتة ، فلا بد من مضي زمان يسع الشرط والمشروط
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب المواقيت من كتاب الصلاة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات ـ الحديث ١٧ والباب ٤٨ و ٤٩ من أبواب الحيض من كتاب الطهارة.