تبق قيمة معتدٌّ بها لهذين الدليلين وعوّض عنهما بالإرتكاز وسيرة المتشرعة وسيرة العقلاء او ان المسألة ابتلائيَّة ، فلو كان فيها حكم اخر لاشتهر وذاع وما شاكل ذلك.
ولا يفوتنا ان نسجّل لمثل المحقق الحلى ما قام به من خدمة جليلة فى تأليف كتابه المشهور بـ « شرايع الاسلام » حيث قسم ابواب الفقه الى تقسيم رباعى معروف استمرّت روحه الى وقتنا الحاضر. كما وان المنهجة التى قام بها فى كتابه عند بحثه لكلّ باب والإشارة الى الاقسام بالأرقام وتشقيق كل قسم الى شقوق أخرى بارقام اخرى مضبوطة كل ذلك فضل لا يُنسي.
وهكذا ما قام به العلاّمة من ادخال الرياضيات فى علم الفقه او اجراء ابحاث فقهية مقارنة بين المذاهب جهود مشكورة وثمينة وليس من الانصاف تناسيها.
أجل الذى أراه ـ إن لم أكن مخطئا ـ إنَّ كثيرا من وجوه الإستدلال التى كان يتمسّك بها مثل الشيخ وصاحب السرائر والعلامة و ... اصبحت يومنا هذا أشبه بالاستحسانات منها بالأدلة العلمية ونظرة سريعة على فقه القدماء توضّح بشكل جلى ما نقول.
ولا ننسى أن نشير ايضاً إلى أنَّ الابحاث السندية والتدقيق من الزاوية المذكورة ظلَّ مهملاً فى كلمات القدماء بل وإلى يومنا المعاصر تقريبا ، فهذا مكاسب الشيخ الأعظم مثلاً لا نجد مثل ذلك فيه.
والنتيجة التى يمكن ان ننتهى اليها ان روح الدور الثالث بقيت على ما هى عليها الى يومنا المعاصر. ولئن حصل هناك تطوّر ، فهو فى مسائل جانبية من قبيل :
أ ـ منهجة الأبحاث بشكل اكثر فنية.
ب ـ التعرّض الى فروع اكثر واوسع تبعا للمرحلة الزمنيّة.
ح ـ التعويض بأشكال من الإستدلال اكثر متانة وقوة.