بوجوب دفع الضّرر المحتمل ، أو استصحاب الاشتغال ، أو الأخبار.
أما الأول :
فلما عرفت : من ورود أخبار البراءة على الحكم المذكور ؛ نظرا إلى ارتفاع موضوعه وما هو المناط له من العقاب المحتمل من جهة حكم الشارع بالجواز وعدم الوجوب من الأخبار المذكورة ، فليس الحكمان في مرتبة واحدة فضلا عن حكومة الأول على الثاني ، وليس حكم العقل بوجوب الاحتياط في المقام على تقدير تسليمه أقوى من حكمه به في المتباينين من الشبهة الحكميّة والموضوعية كاشتباه القبلة مثلا ، والمناط فيه في كليهما دفع الضرر المحتمل في أطراف الشبهة والمحتمل كما في المقام.
فإذا حكم الشارع بجواز ترك الصلاة إلى بعض الجهات كما وقع في الشرعيّات ، فهل يتوهّم أحد أن الحكم المذكور مناف لحكم العقل بوجوب الاحتياط ويجعله مخصّصا له؟ حاشا بل يحكم كل أحد بكونه رافعا لموضوع حكم العقل بوجوب الاحتياط ، فإذا كان حال الحكم المذكور بالنسبة إلى حكم العقل كذلك ، كان حال حكم الشارع بجواز ترك الجزء المشكوك ، أو الأكثر : من جهة أخبار البراءة بالنسبة إلى حكمه كذلك ، فلا محالة يكون واردا عليه ؛ إذ الفرق بالخصوص والعموم لا يصلح فارقا بعد عدم إمكان التخصيص في العقليّات.