بجواز التعويل على الأصل المثبت ، وإنما أراد الفرق بين الحكمين بالنظر إلى أخبار البراءة.
الرابع : أن ما استشهد لتعميم روايات الباب أخيرا : من فهم العلماء منها ذلك حيث إن من الأصول المعروفة المسلّمة عندهم : أصالة العدم وعدم الدليل دليل العدم ، ويستعملونها في نفي ما شكّ فيه مطلقا من غير فرق بين الحكم التكليفي وغيره ، ولا مستند لهم في ذلك إلاّ الروايات ، فلا بد من تعميمها ولو بمساعدة أفهامهم ممّا لا معنى له أيضا ؛ لأن استنادهم إلى الأصلين في نفي غير الحكم التكليفي في الجملة مما لا مجال لإنكاره ، كما أن عدم استنادهم في الأصلين إلى روايات الباب مما لا ينبغي التأمّل فيه :
أمّا غير حديث الرفع : مثل ( رواية الحجب ) ونظائرها ، فلم يستظهر منهم إلاّ الاستناد إليه في نفي المؤاخذة والحكم التكليفي فقط ، كما هو الظاهر منه بلا ارتياب.
وأمّا ( حديث الرفع ) فهم بين مخصّص له برفع المؤاخذة والحكم التكليفي ـ على ما عرفت في القسم الأوّل من الشكّ : من أنه الظاهر منه ـ وبين معمّم له لرفع غير المؤاخذة من الآثار الشرعيّة المترتّبة على الموضوعات المذكورة في الرواية بالمعنى الذي عرفته ثمّ ، فيجعلونه حاكما على أدلّة الآثار كدليل نفي الحرج الضرر بالنسبة إلى أدلّة الأحكام الشرعيّة.
وهذا المعنى لمّا لم يتصوّر بالنسبة إلى قوله : ( ما لا يعلمون ) ـ ضرورة عدم