الروايات أن ماهيّة العبادات ... إلى آخره ) (١).
وأنت خبير بما فيه ؛ إذ كيف يعقل الفرق في مفاد رواية واحدة بين النسبتين؟
وأما ما أفاده في المقام في كلامه الذي حكينا عنه أخيرا من المعارضة بين الجزئية وعدمها ؛ نظرا إلى كون كل منهما حكما شرعيّا بناء على القول بتعلّق الجعل بالأحكام الوضعيّة ، فيتعارض الأصلان بالنسبة إلى وجودها وعدمها للعلم الإجمالي بجعل أحدهما ، فهو مما لا محصّل له ، وإن هو إلا كالقول : بأن الوجوب كما يكون حكما شرعيّا كذلك عدمه أيضا حكم شرعيّ ، فكل مورد شكّ فيه يجري الأصلان فيه بالنسبة إلى وجوده وعدمه ويتعارضان فتأمل.
والقول : بأن تعيين الماهيّة في الأقلّ يحتاج إلى جنس وجوديّ وهو اعتبار الأجزاء المنسيّة ، وفصل عدميّ وهو عدم اعتبار غيرها. والجنس موجود بالفرض والفصل مورد للأصل ، فلا يلزم هناك من تعيين الماهيّة بنفي الجزئيّة التعويل على الأصل المثبت ، وهذا بخلاف نفي الوجوب ؛ فإنه يلازم كون الماهيّة هي الأقلّ وليس عين مجرى الأصل ، ومن هنا يفرّق بين الحكمين في مفاد الرّوايات ، فليس هنا اختلاف في أصل معناها فاسد.
مضافا إلى ما ستقف عليه عن قريب من ضعف هذا التوهّم : بأنه اعترف : بأن نفي الجزئيّة بأخبار الاستصحاب لا يجدي في تعيين الماهيّة ، إلاّ على القول
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٥١.