ومن هنا ذكرنا في مسألة وجوب المقدّمة ـ في قبال من جعل الأصل في المسألة عدم الوجوب ـ : أنه لو كان المشكوك الوجوب الغيري الذي أنشأه الشارع للمقدّمة جاز الرجوع إلى الأصل بالنسبة إليه على تقدير وقوع الشكّ فيه.
ولو كان المشكوك الوجوب العقلي ، أو حكم العقل بثبوت الملازمة بين طلب الشيء وطلب مقدّماته ـ لا الملازمة الواقعيّة التي يرجع إلى المعنى الأول باعتبار ـ وأراد القائل نفيها بالأصل لم يكن معنى له ؛ لأنه لا يمكن وقوع الشكّ في الحكم العقلي.
رابعها : الطلب الشرعي التوصّلي التّبعي الغيري الثابت للجزء من حيث توقف وجود الكل عليه ، كما هو ثابت للمقدمة الخارجيّة بهذه الملاحظة ، وإن كان العقل يحكم به ويكشف عن ثبوته أيضا بعد إحراز المقدّميّة وهو الذي وقع النزاع فيه في مسألة وجوب المقدّمة ، وإنّما الكلام في جواز الرجوع إلى الأصل المذكور بالنسبة إليه.
فإن كان الغرض من الأصل المذكور : نفي الأحكام الشرعيّة المترتّبة على الوجوب الغيري فلا إشكال في جريانه بناء على ما ستقف عليه : من عدم معارضة الأصل في الأقل معه.
وإن كان المقصود منه : مجرّد نفي المؤاخذة المطلوب بأصالة البراءة فحاله حال الأصل المتوهم جريانه في الأكثر لترتب هذا الأثر ، وقد عرفت : أن عدم