وأجاب عنه بقوله : ( قلت ... إلى آخره ) (١) بما عرفت : من أن التنويع بحسب حالتي الغفلة والالتفات يستحيل عقلا ، فلا يمكن توجيه التكليف إلى الغافل عن الفعل حقيقة ؛ لأن التام غير مقدور له ، والنّاقص وإن كان مقدورا له ذاتا إلاّ أنه غير مقدور له بعنوانه ، فهو ما دام غافلا كالنائم في برهة من الوقت لا يكون مكلّفا بشيء ، وإذا زالت غفلته توجّهت الخطابات الواقعيّة بالمركب التام إليه.
نعم ، يمكن أن يكون الناقص مشتملا على مصلحة ملزمة كافية عن المصلحة الموجودة في المركّب التام في حق خصوص الناسي مع قصوره عن توجّه التكليف بالنسبة إليه لعجزه ، ولكن هذا مجرّد إمكان لا ينفع إلا بعد قيام الدليل على كفاية الناقص عن التام ؛ فإنه يستكشف منه ذلك رفعا للحكم الجزافي القبيح عن الشارع المنزّه ، فيحكم بعد قيام الدليل ـ كما قام في جملة من الموارد ـ :
بأن غير المأمور به مسقط عن المأمور به في العبادات ، كما نقول : بمثله في مسألتي الجهر والإخفات في الجاهل المركّب والمتمّم في السفر جهلا مركّبا كما ستقف على تفصيل القول فيه بعد ذلك إن شاء الله تعالى.
فقد ظهر ممّا ذكرنا كلّه : أن النّاسي ما دام ناسيا لا يتوجّه إليه خطاب وأمر لا من الشارع ولا من العقل.
نعم ، يحكم العقل بكونه معذورا ما دام غافلا ، وهذا لا تعلّق له بكونه مأمورا
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٦٤.