المسامحة العرفيّة في موضوع المستصحب الموجبة للحكم باتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة لاختلّ أمر الاستصحاب في كثير من موارده ، سيّما في استصحاب العوارض الزمانيّة المتجددة ، وكذا استصحاب الزمان بل بطريق أولى ، مع أن استصحاب الليل والنهار من الاستصحابات المسلّمة عندهم وكذا استصحاب الكرّيّة والقلّة في المثالين.
ودعوى : الفرق بين الاستصحاب في المقام واستصحابهما ؛ حيث إن دخل المتعذر في موضوع الوجوب النفسي في السابق معلوم بخلاف المقدار المأخوذ في استصحاب الكرية ، فلعلّ معروضه في السابق هذا الماء الموجود لاحقا فاسدة.
مضافا إلى انتفاء الاحتمال المزبور في استصحاب القلة فتدبّر بما عرفت توضيحه في طي كلماتنا السابقة : من أنّ الموجود المقداري ـ بلغ ما بلغ ـ أمر واحد ، فالكرّيّة قائمة بمجموع أجزائه ولو كان زائدا على الكريّة لا بالمقدار المعيّن ، كما هو الشأن في جميع مصاديق المقادير المنقسمة إلى الزائد والناقص فتأمّل.
نعم يعبّر في هذا التقرير الثاني مساعدة العرف على الحكم باتحاد القضيّتين وعدم كون المفقود من معظم الأجزاء فتدبّر.
هذه غاية ما يقال في تقريب الاستصحاب وسيجيء تفصيل الكلام فيهما وعليهما في باب الاستصحاب في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.