كذلك ، هذا بالنسبة إلى نفس الأحكام الشرعية التكليفيّة ، وأما موضوعاتها الاختراعيّة فربّما يكون وجودها الخارجي في العبادة من المكلّف موقوفا على تعلّمها كالقراءة الصحيحة مثلا ؛ فإنها متوقّفة على تعلّمها فتحصيل العلم مقدّمة وجوديّة لها في العادة ، لكنّه لا تعلّق له بالمقام أصلا ، كما لا يخفى.
فقد تبيّن ممّا ذكرنا كلّه : أن العلم ليس شرطا في التكليف أصلا ، لا في تحقّقه في نفس الأمر ، ولا في تنجّزه على المكلّف ، ولا في امتثاله ؛ لأن نفس الالتفات كاف في التنجز ، وإمكان الامتثال ما دام موجودا وإن لم يمكن الامتثال مع عروض الغفلة ، لكن تنجّزه لا يرتفع إذا كان عروضها من سوء اختيار المكلّف هذا بالنسبة إلى نفس التكليف.
وأمّا ما يعتبر في عبادة جزءا وشرطا أو مانعا فلا معنى لارتباط اعتباره بالعلم بالحكم ، واعتباره وفساد العبادة الخالية عنه أيضا سواء كان دليله من قبيل الجملة الخبريّة كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٢) أو الجملة الطلبيّة الإنشائيّة ولو قيل بعدم توجّه الخطاب بالصّلاة
__________________
(١) الفقيه : ١ / ٥٨ ـ ح ١٢٩ ، والتهذيب : ١ / ٤٩ باب « آداب الأحداث الموجبة للطهارة » ـ ح ٨٣ ، وكذا الإستبصار : ١ / ٥٥ باب « وجوب الإستنجاء من الغائط والبول » ـ ح ١٥ ـ عنها الوسائل : ١ / ٣١٥ باب « وجوب الإستنجاء وإزالة النجاسات للصلاة » ـ ح ١.
(٢) غوالي اللئالي : ١ / ١٩٦ وج ٢ / ٢١٨ وج ٣ / ٨٢ ، عنه مستدرك الوسائل : ٤ / ١٥٨ « باب وجوب قراءة الفاتحة في الثنائية وفي الأوّليتين من غيرها » ـ ح ٥.