فالمعاملة ـ التي نتكلّم في حكمها إذا صدرت من الشاكّ من حيث الحكم الوضعي ، أعني : الصحّة والفساد ـ هي ما يقابل العبادة بالمعنى الأخصّ ، ولمّا كانت المعاملة بهذا المعنى ممّا لا تصرّف للشارع فيه أصلا ، وإنّما هو موضوع خارجيّ وفعل إنشائي للمكلّف ، أو غير إنشائي تعلّق به الحكم الشرعي ، فهو موضوع حقيقة للحكم الشرعي غاية ما هناك : أن الشارع اعتبر في ترتيب حكمه عليه شروطا ، فإن كانت موجودة ، يحكم بترتّب الآثار الشرعيّة عليه ، وهذا معنى صحّته. وإن لم يكن موجودة بل كانت المعاملة فاقدة لها يحكم بعدم ترتّب الآثار الشرعيّة عليها ، وهو معنى فساده.
وهذا هو المراد بما اشتهر في الألسنة : من عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة لألفاظ المعاملات وإنّما اعتبر الشارع في ترتيب الآثار عليها شروطا ، وإن الحكم الشرعي في العقود والإيقاعات يرجع إلى الإمضاء ، أي : يتعلّق بالموضوع الإنشائي العرفيّ ؛ فإنه لا يعقل معنى للإمضاء ، إلاّ ذلك.
بل منه يعلم : أن ما ذكره المحقّقون : من عدم جريان البحث في الصحيح والأعمّ في ألفاظ المعاملات ـ وإن لم يكن النّزاع مبنيّا على ثبوت الحقيقة الشرعيّة ؛ لأن ابتناءه على استعمال اللفظ في المعنى الشرعي ـ ممّا ليس محلاّ للإنكار ، والمفروض عدم المعنى الشرعي لألفاظ المعاملات.
فعلى هذا لو كانت المعاملة الصادرة من المكلّف واجدة للشرائط الشرعيّة وموضوعا للحكم الشرعي ، لزمها تعلّق الحكم الشرعي به من غير فرق بين كون