معنى البناء على الفساد عند الشكّ في المعاملات.
فالشاك وإن كان مكلّفا في الظاهر ما دام شاكّا على البناء على الفساد من حيث عدم طريق له للحكم بصحّة المعاملة ، إلاّ أنّ الحكم بالفساد في مرحلة الواقع مراعى بعدم عثوره على ما هو طريق بنفسه ، أو بجعل الشارع من الطريق الاجتهادي أو التقليد يقتضي الصحّة ، أو عثوره على ما يقتضي الفساد.
فإذا عثر عليه يبنى على مقتضاه من حين الوقوع ؛ ضرورة كونه مفاد الطريق وإن كان ظنّا كما ستقف على شرح القول فيه من غير فرق في ذلك بين أقسام المعاملات ، فلو ترتّب معاملات على فعله مثل أن باع ما اقتصر في ذبحه على قطع الحلقوم مع الشك في كفاية ذلك في التذكية في حكم الشارع حكم بفساد بيعه في مرحلة الظاهر وكان حكمه الواقعي مراعى وهكذا.
لا يقال : كيف يحكم في حق الشاك قبل الفحص بأصالة الفساد ولزوم الرجوع إليها مع أنها أصل في الشبهة الحكميّة ـ ومن شرطه الفحص مطلقا من غير فرق بين أصالة البراءة وغيرها من الأصول الحكميّة سوى أصالة الاحتياط على ما اعترفت به سابقا ـ؟
لأنا نقول : عدم جواز الرجوع إلى الأصل قبل الفحص إنّما هو من جهة رعاية الواقع المحتمل ولذا جاز الرجوع إلى الاحتياط مطلقا ، ومعنى أصالة الفساد : الحكم بعدم ترتّب الآثار لرعاية احتمال عدم وجود السّبب ، ففيه رعاية للواقع فتأمل.