ولعلّه لم يتعرّض شيخنا قدسسره لحكم الأصل المذكور من حيث توجّه السؤال المزبور ، ويمكن أن يكون الوجه في عدم تعرّضه له عدم كونه مقصودا بالبحث ؛ فإن كلامه إنّما هو في إثبات كون الصحة الواقعيّة تابعة للواقع. وأمّا بيان حكمه الظاهري من حيث التكليف فليس مقصودا بالكلام.
وتوهّم : أن المعاملة إذا كانت من قبيل الإنشاء كما في العقود والإيقاعات لا يمكن أن يتحقّق من الشاك في الصحّة كما يوهمه كلام بعض من تأخّر.
فاسد جدّا ؛ ضرورة أن الإنشاء من فعل المنشي وهو إنّما يوجد بإنشائه المطلب الإنشائي الذي لا تعلّق له بالشرع ولا يريد بإنشائه إيجاد الحكم الشرعي حتّى يوجب الشكّ فيه منع تحقق الإنشاء منه كما أوضحناه لك سابقا. بل قد عرفت : أنه قد يتحقق الإنشاء من الفاعل مع (١) القطع بالفساد في حكم الشارع.
نعم ، لو شكّ في تحقّق ما هو المعتبر في تحقّق الإنشاء عرفا حكم بمنعه عن الإنشاء فضلا عما إذا قطع بعدم تحقّقه فلو قيل : بأن ملكيّة المنشي معتبرة في إنشاء التمليك عرفا ، كما أن أصل الملكيّة معتبرة فيه جزما لم يتحقّق إنشاء التمليك مع عدم مالكيّة المنشي ، إلاّ إذا بنى في نفسه على مالكيّته. ومن هنا قيل بفساد بيع الغاصب بحيث لا يفيده إجازة المالك كما بنى عليه الأمر في « الرّياض » (٢) ، وقلنا
__________________
(١) في نسخة الفرائد المحشى : « مع بعد القطع » والصحيح ما ذكرناه.
(٢) لم نجده في الرياض في مظانّه وانظر مستند الشيعة : ١٤ / ٢٧٩.