أن الحكم بتأثير الواقع وتبعيّة الآثار له لا ينافي كون الفاعل شاكّا أو ظانّا بالظن الغير المعتبر في حال المعاملة ، بعد فرض الحكم بعدم معذوريّة الشاكّ والظانّ : من حيث كونه مأمورا بالفحص والسؤال معهما ، كما أنّ من ظنّ حليّة الخمر مع عدم اعتبار ظنّه يتنجّز عليه الواقع ويحرم عليه من حيث كونه غير معذور ومأمورا بالفحص والسؤال.
والحاصل : أن الشكّ إنّما يمنع من ترتيب آثار الواقع بعد تبيّن الخلاف إذا كان في مورد الشك حكم ظاهريّ للشارع على خلاف الواقع ، وكذا الظنّ إنّما يمنع منه إذا كان معتبرا شرعا والمفروض خلاف ذلك ، كما يكشف عنه وجوب الفحص معهما ؛ فإنه تلازم بين إلقائهما شرعا وكون الآثار مترتّبة على الواقع كما هو ظاهر.
ومراده من قوله : « وأمّا الثاني : فالحق عدم ترتّب الأثر في حقّه ما دام باقيا على عدم التقليد » (١) الإشارة إلى ما عرفت سابقا : من لزوم الرجوع إلى أصالة الفساد ما دام شاكّا ، وإن طابقت المعاملة في الخارج أحد الأقوال في المسألة ؛ من حيث إن طريقية قول المفتي إنّما هي في حق مقلّده ومن استند في العمل إلى رأيه ، والمفروض عدم استناده إليه. وليس الحكم الظاهري كالحكم الواقعي في ثبوته في حق كلّ أحد حتّى يؤثّر موافقته الواقعيّة كما في الفرض الأوّل.
__________________
(١) نفس المصدر : ج ٢ / ٤٢٥ والحظ في الموضعين مناهج الأحكام : ٣١٠.