« إن نقض فتوى المجتهد التي عمل نفسه أو مقلده بها في الزمان الأوّل بالفتوى الثانية في الزمان الثاني ، بمعنى إبطالها من رأس والحكم بعدم كونها حكم الله تعالى فيما مضى ، وجعلها لاغية بالمرة لا خلاف في عدم جوازه ، والإجماع ، بل الضرورة ، ولزوم الجرح ، واستصحاب عدم شغل ذمّته ، وعدم البطلان يدلّ عليه.
ونقضها بمعنى إبطال المتقدّمة في الزمان الثاني : بأن لا يعمل بالأولى فيه ، ويبنى أعماله المستحدثة على الثانية ، لا خلاف في جوازه ، بل وجوبه ؛ فإنه لازم تغيير الرأي وحجيّة الاجتهاد ، وهو ضروريّ مطلقا.
ونقضها بمعنى إبطال الآثار المترتّبة على عمل صادر في الزمان الأوّل بفتواه الأولى ـ التي لو لا تغيير الرأي لقطع بترتّب تلك الآثار على ذلك العمل مثل : أن ينكح بالفتوى الأولى باكرة (١) بغير إذن المولى ؛ فإنه يقطع بترتّب آثاره عليه لو لا تغيير الرأي ـ يظهر عدم جوازه : من عدم جواز النقض بالمعنى الأول ؛ لأن العمل الصادر في الزمان الأول كان صحيحا مستتبعا للآثار ، وبعد تجدّد الرأي لا يجوز الحكم ببطلانه في الزمان الأوّل ، وليس موجودا في الزمان الثاني حتى يصير موردا للفتوى الثانية ؛ فما وقع لا يرد عليه البطلان فلم لا يترتّب عليه أثره؟
__________________
(١) لا يخفى ان الموجود في الاستعمالات العربيّة هو البكر لا الباكرة إذ هو تعبير فارسي جري على لسانهم سهوا كثيرا ، فهو غلط مشهور.