طاهرا في حقّه ولا يشترط صدور الغسل في حال تغيّر الرأي أيضا : لأن ظنّه حينئذ حجّة في حقّه ومظنونه الحاصل بسبب من الأدلّة الشرعيّة أن الغسل مرّة سبب للتطهير مطلقا وليس مقيّدا بكون الغسل متحقّقا حال هذا الظن إذ لا تقييد في شيء من الأدلّة الظنيّة بذلك أصلا.
ولذا ترى المجتهدين إذا حدثت الوقائع قبل اجتهادهم فيها واستفتي منهم يتأمّلون في حكم المسألة بعد حدوثها ، ويحكمون على الحادثة السابقة بما استقرّت عليه آراؤهم بعد الاجتهاد ، وليس المراد أن الغسل السابق صار سببا حينئذ ، بل سببيته تحقّقت أوّلا ، ولكن لم يكن هذا الشخص داخلا في عنوان من تحقّقت في حقّه السببيّة ودخل فيه حينئذ.
كما أن من وقف شيئا على ضيفه فصار شخص ضيفا له بعد مدّة ؛ فإن الوقفيّة عليه لا يتحقّق حينئذ ، بل الدخول في العنوان يتحقّق في هذه الحالة ، وعلى هذا لا أثر للاستصحاب في هذا الفرض ؛ لثبوت السببيّة في حقّ من دخل في هذا العنوان ؛ لأن عدم السببيّة أوّلا كان لمن كان داخلا في عنوان آخر ، فقد تغيّر الموضوع.
وأما الإجماع فاختصاصه بالأول ظاهر ، بل يمكن دعوى الإجماع على النقض في الثاني ، وربّما يتوهّم عدم النقض في الثاني أيضا فيقال : إن الطين مثلا قد طهر بالطبخ الواقع في زمان كان الطبخ مطهّرا وطهارته أثر لذلك الطبخ ، وهذا الطبخ الواقع لم يصر موردا لفتوى عدم كونه مطهّرا ، فقد طهر ذلك الآجر. فما وجه تنجّسه بعد؟