فوجوب القصر على المسافر إنّما هو إذا كان عالما بحكم السفر ، وأما إذا كان جاهلا فلا يجب عليه القصر ، فلا يكون جاهلا بحكم الصلاة.
وهذا كما ترى ، يرجع إلى أخذ اشتراط العلم بالحكم في موضوع التكليف في الموضعين ، فعلى هذا يشكل الاعتراف بعدم معذوريّة الجاهل من حيث الحكم التكليفي فتأمل.
ولمّا كان مرجع الوجه المزبور إلى ما عرفت : من أخذ العلم بالحكم في موضوعه ، فلا محالة يتوجّه عليه ما سمعته مرارا : من عدم إمكانه من حيث لزوم الدور عليه فلا يصحّ الاعتماد عليه.
ثانيهما : كون الجاهل بهذه المسألة نظير الجاهل بالموضوع معذورا في مخالفة الواقع وإن كان الخطاب الواقعي موجودا إلاّ أنه يرتفع فعليته نظير الشاكّ في تحقق السفر من جهة الشبهة الموضوعيّة ؛ فإنه يعلم بوجوب التمام عليه في مرحلة الظاهر وإن كان الواجب عليه في الواقع القصر ، وإن كان بينهما فرق : من حيث إن الجاهل بالموضوع مخاطب بالخطاب الظاهري ، وهذا الجاهل لا يمكن أن يجعل في حقّه الحكم الظاهري.
لكنّه لا يقدح في المقام ؛ من حيث إن الحاجة إلى الحكم الظاهري إنّما هو لأجل التوصّل إلى قصد الامتثال ، وهذا الجاهل مستغن عنه : من جهة اعتقاده بالوجوب. والحكم بالمعذورية بهذا المعنى لا ينافي الحكم بعدم المعذوريّة من