في الحقيقة عنده هو الشكّ في الشمول ؛ نظرا إلى ما بنى عليه الأمر : من اشتراط البراءة بالقطع بعدم النصّ في الواقعة ، أو الظنّ به من غير فرق بين الموارد ، إلاّ أنّ كثرة دوران التمسّك بها في خصوص المقام صارت نكتة التخصيص.
فهذا الشرط مأخوذ في الحقيقة عن اشتراط الفحص وليس شرطا مستقلاّ ؛ نظرا إلى تطابق كلماتهم في بيان مقداره على لزوم تحصيل الاطمئنان أو الظنّ بعدم الدليل في الواقعة ، فإذا شكّ في وجود الدليل ولو من جهة الشكّ في شمول الدليل الموجود لبعض المصاديق المشتبهة من غير جهة الشبهة الموضوعيّة الصرفة لم يجز التمسّك بالبراءة.
ومن هنا قال في وجه منع الرجوع : « فلا علم حينئذ ولا ظنّ بأن الواقعة غير منصوصة فلا يتحقّق شرط التمسّك بالأصل من فقدان النصّ » (١).
وإن كان ما أفاده لا يخلو عن مغالطة ؛ لأن في جميع صور إجمال النص مع احتمال الإرادة نقطع بفقدان الدليل بوصف الدليليّة ؛ نظرا إلى أن الحجة والدليل في باب الألفاظ الظهور ، فإذا قطع بانتفائه بحكم الوجدان فيقطع بعدم الدليل وإن احتمل الإرادة بحسب الواقع كما هو ظاهر.
وأمّا قوله : « بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعيّ بالضارّ » (٢) فليس المراد
__________________
(١) الوافية : ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٢) المصدر السابق ، عنه فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٥٥.