منه القطع بتوجّه تكليف إلزاميّ إليه موجب لاشتغال ذمّته مع كونه مردّدا ، بل المراد القطع بثبوت حكم إلهيّ في موارد التعمّد بالأمور المذكورة له تعلّق بالضارّ ، وإن كان المكلّف بالتعزير غيره وإن لزم عليه التمكين ، فالنسبة مبنيّة على التوسّع.
ومن هنا قال : « فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح » (١) ولم يقل : فيجب عليه تحصيل العلم ؛ من حيث احتمال كون الحكم الثابت هو خصوص التعزير الذي لا يفيد الصلح ولا الإبراء له ، وإنّما يفيدان في الضمان المحتمل.
وهذا التوجيه كما ترى حسن ، إلاّ أنه ربّما ينافي الترقّي المذكور في كلامه ؛ فإن ظاهره إثبات العلم بالحكم ولو إجمالا ، المانع من الرجوع إلى البراءة ، اللهمّ إلاّ أن يجعل مطلق العلم بالحكم ولو مثل العلم في المقام مانعا ، لكنّه ينافيه ظاهر قوله : « فينبغي ... » إلاّ أن يحمل على خلاف ظاهره ، فيحكم بإرادة الوجوب منه. كما استفاده منه شيخنا قدسسره هذا.
ويتوجّه عليه ـ مضافا إلى ما عرفت : من أن مجرّد احتمال إرادة الواقعة من الدليل الوارد من الشرع لا يوجب رفع اليد عن البراءة ، وإلاّ لزم رفع اليد عنها في جميع موارد إجمال الدليل وهو كما ترى ، فلا يجوز رفع اليد عن البراءة بمجرّد احتمال شمول دليل الإتلاف ونفي الضرر وإن كان احتمالا مساويا. نعم ، على تقدير شمولهما للأمثلة المذكورة ونحوها كما هو الظاهر ، يتعيّن رفع اليد عنها
__________________
(١) المصدر السابق.