لا يمنع من صدق الضرر ؛ من حيث إن المانع من صدقه هو دفع الغرامة لا مجرّد حكم الشارع بوجوب الدفع ، فلا بد من الفرق بين الضّرر المتدارك والضرر المحكوم بتداركه هذا.
مضافا أيضا إلى أن الظرفيّة في قوله : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » يقتضي كون الإسلام قيدا للمنفي ، وهذا يناسب إرادة الحكم لا الفعل المضرّ كما هو ظاهر ، وهذا الوجه وإن حكي عن بعض الفحول إلاّ أنّه في كمال البعد.
وأمّا ما ارتكبه الفاضل النّراقي من السؤال والجواب ، فيتوجّه عليهما ما أشار إليه شيخنا قدسسره في « الرسالة » و « الكتاب » : من منع مانعيّة الأجر الأخروي من صدق الضّرر عرفا ، فلعلّه من جهة ضعف النفوس وعدم اليقين الكامل بما أعدّ في الآخرة من الأجر الآجل ، أو كون المانع عندهم هو النفع العاجل ، أو كون محبّة الدنيا شاغلة لهم عن النّظر إلى الأجر (١).
ومن هنا ترى غالب الناس يفرّون عما فيه الضّرر بالأنفس والأموال في باب الجهاد والزكاة والخمس و
أمثالها ، مع أنّه ربّما يكون فيه نفع عاجل من تنمية المال وتكميل النفس ، إلاّ أنّ النفوس الضعيفة بمعزل من إدراك ما هو المكنون فيها هذا.
مضافا إلى أن التدارك إنّما هو في الأعمال لا في جعل الحكم ، مع أنه إذا
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٦٤ ورسالة « لا ضرر » ضمن الرسائل الفقهيّة : ١٢١.