ويترتّب على ذلك ما أفاده شيخنا الأستاذ العلامة قدسسره في « الرسالة » : من الحكم بصحّة العبادات التي يعتقد المكلّف عدم التضرّر بها مع كونها مضرّة في نفس الأمر ؛ فإن الأمر بالعبادة في الفرض وتجويزها للمكلّف لم يوقعه في الضّرر أصلا ، وإنّما الموقع له علمه بعدم تضرّره ، فلو حكمنا بفسادها والحال هذه لزم وقوعه في كلفة الإعادة والقضاء.
نعم ، لو علم بالضرر أو ظنّ به كان وقوعه في الضرر مستندا إلى أمر الشارع بالعبادة ، خلافا لمن حكم بالفساد في الفرض بزعم ، أن الضّرر مانع واقعيّ عن صحّة العبادة من غير فرق بين العلم بوجوده أو العلم بعدمه ، ولا فرق في الحكم بالصحّة في الفرض بين الاستناد في فساد العبادة مع التضرّر بها إلى الأصل المذكور ، أو النهي عن الإضرار بالنفس ؛ فإنّ المانع عن امتثال الأمر عندهم النهي الفعلي المنجّز في مسألة عدم جواز اجتماع الأمر والنهي ، ومسألة النهي عن العبادة ، لا النهي الشأني المعلّق.
قال قدسسره في « الرسالة » بعد جملة كلام له يتعلّق بالمقام ما هذا لفظه :
« فتحصّل : أنّ القاعدة لا تنفي إلا الوجوب الفعلي على المتضرّر العالم بتضرّره ؛ لأن الموقع للمكلّف في الضّرر هو هذا الحكم الفعلي دون الوجوب الواقعي الذي لا يتفاوت وجوده وعدمه في إقدام المكلّف على الضّرر ، بل نفيه مستلزم لإلقاء المكلّف في مشقّة الإعادة ، فالتمسّك بهذه القاعدة على فساد العبادة المتضرّر بها في دوران الفساد مدار اعتقاد الضّرر الموجب للتكليف الفعلي