وإن كان بالنسبة إلى شخصين فيمكن أن يقال أيضا : بترجيح الأقلّ ضررا ؛ إذ مقتضى نفي الضّرر عن العباد في مقام الامتنان عدم الرضا بحكم يكون ضرره أكثر من ضرر الآخر ؛ لأنّ العباد كلّهم متساوون في نظر الشارع ، بل بمنزلة عبد واحد. فإلقاء الشارع أحد الشخصين في الضّرر بتشريع الحكم الضّرري فيما نحن فيه نظير لزوم الإضرار بأحد الشخصين لمصلحته ، فكما يؤخذ فيه بالأقلّ كذلك فيما نحن فيه. ومع التساوي فالرجوع إلى العمومات الأخر ، ومع عدمها فالقرعة.
لكن مقتضى هذا ملاحظة [ الضّررين ] الشخصين (١) المختلفين باختلاف الخصوصيّات الموجودة في كلّ منهما من حيث المقدار ومن حيث الشخص ، فقد يدور الأمر بين ضرر درهم وضرر دينار مع كون ضرر الدرهم أعظم بالنسبة إلى صاحبه ، من ضرر الدينار بالنسبة إلى صاحبه ، وقد يعكس حال الشخصين في وقت آخر ، وما عثرنا عليه من كلمات الفقهاء في هذا المقام لا يخلو عن اضطراب » (٢). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
ويشهد لما أفاده من الاضطراب : ما عن المشهور في الدابة الداخلة في الدّار بحيث لا يخرج منها إلاّ بهدمها ، من ترجيح الهدم مع الغرامة ؛ من حيث كونه أقلّ ضررا ، وكذا في الدابّة التي أدخلت رأسها في القدر بحيث لا يخرج رأسها عنه
__________________
(١) كذا وفي الرسالة المطبوعة : « الشخصيّين » وهو الصحيح.
(٢) المصدر السابق : ١٢٥.