العلامة قدسسره في « التذكرة » : من التفصيل بين تصرّف الإنسان في المباح بإخراج روشن أو جناح ، وبين تصرّفه في ملكه بإخراجهما ؛ حيث اعتبر في الأوّل عدم تضرّر الغير دون الثاني (١). هذا بعض الكلام في الصورة الأولي.
وأمّا الصورة الثانية : وهي ما لو قصد المالك من التصرّف في ملكه مجرّد جلب النفع وتوفير الفائدة والتوسعة في حاله ، من دون أن يترتّب على تركه ضرر. فظاهر كلمات الأكثر بل المشهور : الجواز فيها أيضا وهو الحقّ ولا ينافيه التقييد في كلام غير واحد بما جرت العادة عليه ؛ فإن هذا النوع من التصرّف ليس على خلاف العادة ولا خارجا عمّا يعتاده الملاّكون.
نعم ، تعليل الجواز في كلام من عرفت بنفي الضرر ممّا ينافيه ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ حجر المالك عن الانتفاع بملكه في نفسه ضرر فتدبّر.
ويدلّ على ما ذكرنا من الجواز : ما دلّ على نفي الحرج والضيق ؛ ضرورة لزوم الحرج من لزوم ملاحظة عدم تضرّر الجار من الانتفاع بالملك ، فيقع التعارض بينه وبين ما دلّ على نفي الضرر ، فيرجع إلى قاعدة السّلطنة فتصير مرجعا لا مرجّحا ولا معارضا من حيث تأخّر مرتبتها عن مرتبة نفي الضرر فهي كالأصل بالنسبة إليه على ما عرفت.
ثمّ إنّه بعد البناء على الجواز لا إشكال في عدم ترتّب الضمان على التصرّف
__________________
(١) تذكرة الفقهاء : ج ٢ / ١٨٢ ( ط ق ).