وهذا بخلاف المقام ؛ فإنه لو حكم بجريان البراءة بالنسبة إلى الجزء المشكوك أو الأكثر كما هو المدّعى لم يعارض بجريانها بالنسبة إلى الأقلّ ؛ فإن القطع بوجوبه واستحقاق العقوبة عند تركه مانع من الرجوع إلى البراءة بالنسبة إليه ، وليس فيه ترجيح بلا مرجّح أصلا ، للفرق بينهما بما يوجب تعيين جريانها بالنسبة إلى الأقلّ حسبما عرفت.
(١٢) قوله قدسسره : ( وأمّا عدم معذورية الجاهل .... إلى آخره ) (١). ( ج ٢ / ٣٢٢ )
أقول : حاصل ما أفاده في بيان عدم جريان الدّليل الثاني لعدم صلاحيّة مانعيّة الجهل في المتباينين في المقام : هو أن الشكّ في المتباينين لم ينحل إلى
__________________
(١) قال المحقق الشيخ غلامرضا القمي قدسسره :
« أقول : حاصله : أن الشك في المتبائنين لمّا كان في المكلّف به غير المنحلّ إلى العلم التفصيلي والشك البدوي ، بل كان طرفا الشك فيه متساويين في احتمال تحقّق المعلوم بالإجمال فيه ، فيكون نظير الشك الحاصل للجاهل المقصّر العالم إجمالا بوجود واجبات ومحرّمات في الشريعة وأين ذلك من المقام الذي عرفت انحلال الشبهة فيه إلى العلم التفصيلي والشك البدوي ) إنتهى. قلائد الفرائد : ج ١ / ٥٤٣.
* وقال السيّد عبد الحسين اللاري قدسسره :
« يعني الفرق والفارق كون عدم معذوريّة الجاهل في ما هو غير معذور فيه إنّما هو لأجل تقصيره في تحصيل ما يمكنه العلم التفصيلي به من التكاليف المعلومة له إجمالا الثابتة عليه يقينا بخلاف ما نحن فيه ممّا لم يتمكّن من تفصيله ولم يقصّر في تحصيله ورفع إجماله » إنتهى. انظر التعليقة على فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٢٣.