معلوم تفصيلي ومشكوك بالشكّ البدوي ، بل كان طرفا لشبهة متساويين من حيث احتمال تحقق المعلوم بالإجمال وانطباقه على كل واحد منهما ، فيكون نظير الشكّ الحاصل للجاهل المقصّر العالم إجمالا بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة في الشريعة ، فمعذوريّة الجاهل في المتباينين مستلزمة لمعذوريّة الجاهل المقصّر بالنسبة إلى الواقع مع كونها خلاف الإجماع في الجملة ، أو مطلقا بناء على عدم قدح مخالفة من ذهب إلى كون عقاب خصوص الغافل من المقصّر على ترك تحصيل العلم عند الالتفات على ما ستسمعه بعد ذلك ، أو المشهور بينهم.
وهذا بخلاف المقام لما أسمعناك : من انحلال المعلوم بالإجمال فيه إلى معلوم ومشكوك ، فالحكم بمعذورية الجاهل فيه بالنسبة إلى المشكوك لا يلازم الحكم بمعذورية الجاهل المقصّر ولا يقاس أحدهما بالآخر.
نعم ، يشابه العلم الإجمالي في مفروض البحث العلم الإجمالي بالواجبات والمحرّمات الكثيرة في الشريعة مع تردّد المعلوم بالإجمال بين الأقلّ والأكثر.
ومن هنا بنينا على الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الزائد على الأقل المتيقّن من المعلوم بالإجمال بعد تحصيل العلم به ـ في غير موضع من كلماتنا السابقة ولعله يأتي الإشارة إليه في مطاوي ما يبحث عنه بعد ذلك ـ كما أنه يشابهه في عدم جواز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص عمّا يكون حاكما أو واردا على البراءة من الأدلّة من حيث اشتراط الفحص في الشبهة الحكميّة في الرجوع إلى الأصل مطلقا بالأدلّة الأربعة ، لكنه أمر مفروغ عنه لا تعلّق له بالمقام أصلا ؛ لأن الكلام في حكم المسألة بعد إحراز ما هو شرط لجريان الأصل كما هو واضح.