إلى الخاصّ كما توهم ؛ ضرورة أنّ الاستصحاب ليس من فعل المكلّف عندهم حتّى يقال ـ بعد تعميم المصاحب المأخوذ بالنّسبة إلى الحسّي الحقيقي والمعنويّ الحكميّ مع منع يتطرّق إليه ؛ نظرا إلى كونه خلاف ظاهره ، أو تنزيل غير المحسوس منزلة المحسوس بالتصرّف في الأمر العقلي ـ : إنّ النّقل من العام إلى الخاصّ ـ كما ربّما يتوهّمه الجاهل بمقالتهم ـ وإنّما هو حكم الشارع ، أو العقل ـ إنشائيا على الأوّل وإدراكيّا على الثّاني ـ بالبقاء بالمعنى الّذي يأتي الكلام فيه ، وأين هذا من معناه العرفي حتّى يقال : بالنّقل من العام إلى الخاصّ؟
نعم ، لا إشكال في وجود مناسبة بينهما كما هو ظاهر ، ولا ثمرة مهمّة لنا في تحقيق ذلك ، فلنصرف الكلام إلى بيان معناه في عرف الأصوليّين المتّحد لعرف الفقهاء.
فنقول : لا ينبغي الإشكال في أنّ المراد به أمر واحد ، وإن اختلفت كلمتهم في التّعبير عنه وتأديته حسبما هو دأبهم وديدنهم في غالب التّعاريف واكتفائهم بالرّسم والتّعريف في الجملة ، وذكر بعض اللّوازم من جهة وضوح الأمر عندهم وقلّة الاهتمام بالمطلب وعدم الاعتناء بشأنه ، وإن كان ظاهر كلماتهم في باديء النّظر الاختلاف المعنوي إلاّ أنّ التأمّل فيها يشهد بخلافه ، ومن هنا نسب المحقّق الخوانساري في « مشارق الشموس » (١) ـ الّذي هو لسان القوم ـ التّعريف الّذي ذكره ـ الرّاجع إليه ما وقع التّعبير عنه في كلماتهم ـ إلى القوم ، فقال : « إنّ القوم
__________________
(١) مشارق الشموس : ٧٦ ، وفيه : تقييد الحكم بالشرعي ، إذ قال قدسسره : « إثبات حكم شرعي ... ».