ويمكن أن يورد عليه ـ على فرض صحّة ما ذكره من الفرق ـ : بأنّه خلاف الظّاهر من كلماتهم ؛ حيث إنّ الظّاهر منها كون المراد من حال العقل المستندة إليه لا الثّابتة في مورده وإن كان من غير جهته ، ويشهد لما استظهرنا ـ مضافا إلى كونه الظّاهر من اللّفظ ـ مقابلة الحالين. أي : حال العقل ، وحال الشّرع ؛ ضرورة أنّ المراد من الثّاني هو الحال المستندة إلى الشّرع ، لا الحال الثّابتة في مورد حكم الشّرع كما لا يخفى هذا.
مضافا إلى أنّ ما ذكره في بيان الفرق بين عدم التّكليف الثّابت حال الصّغر وقبله ، وبين سائر الأعدام الثّابتة في حال عدم الموضوع فيما إذا شكّ في ارتفاعها بعد وجود الموضوع بعد كون الحالة السّابقة في كلّ منهما مستندا إلى عدم الموضوع ممّا لم يعلم له معنى محصّل هذا.
ويمكن أن يقال : إنّ مرادهم من تخصيص استصحاب حال العقل بالبراءة الأصليّة ليس هو عدم جريان الاستصحاب في سائر الأحكام العقليّة حسب ما هو مبنى الاعتراض ، بل إدراج البراءة الأصليّة في أقسام الاستصحاب ، أو بيان الفرد الظّاهر من حكم العقل إلى غير ذلك.
ثمّ إنّ في كلام المعترض جملة من المناقشات لا بأس بالإشارة إليها.
أحدها : ما مثّل به للحكم التّكليفي المستند إلى العقل من البراءة والإباحة ؛ ضرورة أنّهما ليستا من الأحكام التّكليفيّة قطعا ، ولو تكلّف بإدراج الثّاني فيها لم يعقل معنى لإدراج الأوّل قطعا. كيف؟ وعدم الحكم ليس حكما سيّما في حقّ غير القابل لتوجّه التّكليف إليه كالصّغير ، اللهم إلاّ أن يقال : إنّ مراده من الحكم التّكليفي الثّابت بالعقل أعمّ من أن يتعلّق حكمه بثبوته ، أو بنفيه كما ذكره في