نعم ، لو شكّ في الموت العارض وسانح اتّفاقيّ مع وجود المقتضي للحياة بحسب الحرارة العريزيّة كان من الشّك في الرّافع ، وكذلك العدم ليس له مقتضي (١) يقتضي استمراره إلى زمان الوجود ، بل العدم مستند إلى عدم المقتضي للوجود ، فإذا حصل فليس هنا شيء يرفعه. ومثل الموت والوجود ـ في عدم كونهما من الرّافع ـ الزّمان فيما يجعل غاية لحكم كما في اللّيل بالنّسبة إلى وجوب الصّوم ؛ فإنّ وجود اللّيل ليس رافعا لوجوب الصّوم ، بل ينقضي اقتضاؤه بوجوده من حيث عدم صلاحيّة موضوعه لأزيد من ذلك. فاللّيل ليس رافعا للحكم ولا للموضوع المعلّق عليه الحكم حتّى يكون استصحابه من استصحاب الشّيء مع الشّك في وجود الرّافع له ؛ لأنّ اليوم الّذي هو موضوع لوجوب الصّوم ليس له اقتضاء الاستمرار والبقاء دائما وإنّما هو برهة من الزّمان سمّي باليوم بملاحظة سير الكوكب فما دامت الشّمس فوق الأفق يسمّى الزّمان يوما ، فليس له اقتضاء استمرار حتّى يكون اللّيل رافعا له. وسيجيء الكلام في توضيح ذلك في تنبيهات المسألة إن شاء الله هذا.
ولكن يمكن التّفصّي عن هذا الإشكال : بأنّ الموت والوجود واللّيل وإن لم يكن كلاّ منهما من الرّافع حقيقة إلاّ أنّه لا شكّ ولا ريب أنّ كلاّ من هذه باق ما لم يوجد هذه الأشياء المقابلة لها ، فكأنّها من الرّافع من حيث إنّها ما لم توجد لم ينقض اقتضاؤها.
وإن شئت قلت : إنّها من الرّافع عرفا وإن لم يكن منه حقيقة. وإن شئت قلت :إنّها ملحقة به حكما من حيث إنّ في زمان الشّك فيها لو رفع اليد عن الحالة السّابقة صدق النّقض عليه ، ولو لم يرفع اليد عنه صدق البقاء عليه ، وهما المناط في اعتبار
__________________
(١) كذا والصحيح : « مقتض ».