جهة أنّ الظّاهر من الرّواية كون المعلول لقوله : ( لأنّك كنت ... إلى آخره ) (١) هو عدم الإعادة لا جواز الدّخول ؛ حيث إنّ الظّاهر ـ كما لا يخفى ـ من قوله : ( لم ذلك؟ ) (٢) ليس السّؤال من وجه جواز الدّخول مطلقا ، بل من وجه عدم الإعادة ، فالعلّة علّة لعدم الإعادة لا لجواز الدّخول.
والحاصل : أنّ كلّ من تأمّل في الرّواية هنيئة يقطع بأنّ المقصود : بيان حكم الفعل الّذي لو فعله الفاعل فعلا لكان نقضا ، وهو ليس في الرّواية إلاّ الإعادة ، فلا بدّ من أن يجعل العلّة علّة له فيها. ومن المعلوم أنّ الإعادة ليست نقضا لليقين بالشّكّ ، بل هو نقض باليقين ببقاء الأمر المقتضي للإتيان بالمأمور به فلا معنى لحمل الرّواية على الوجه الأوّل ، بل لا بدّ أن يكون المقصود منها : الوجه الثّاني السّالم عمّا ذكرنا كما ستعرف الكلام فيه إن شاء الله.
فإن قلت : ما المانع من أن يجعل العلّة علّة لعدم الإعادة مع كون المقصود من الرّواية الوجه الأوّل؟ ويكون السّؤال عن حكم الصّلاة الّتي علم المصلّي بعدها بوقوعها في النّجاسة بأن يقال : إنّ الأمر الظّاهري الناشئ من عدم جواز نقض اليقين بالشّك بالدّخول لما كان مقتضيا لإجزاء العمل الواقع على طبقه وإن كان في الواقع ونفس الأمر مخالفا للواقع ومسقطا للأمر الواقعي وإن لم يمتثله المكلّف فيصير عدم الإعادة من مقتضياته ومعلولاته ، فالإعادة بعد الإتيان بمقتضاه
__________________
(١) التهذيب : ١ / ٤٢١ ـ الباب ٢٢ الحديث ١٣٣٥ عنه الوسائل في عدّة مواضع منها : ج ٣ / ٤٦٦ ـ الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، الحديث الأوّل.
(٢) نفس المصدر.