الإجزاء وبقاء الأمر في عهدة المكلّف في صورة عدم الإتيان بالمأمور به أيضا عقليّ.
نعم ، ذكرنا في محلّه : أنّه لو كان هناك أمر ظاهريّ شرعيّ امتثله المكلّف مع عدم امتثاله للأمر الواقعي يمكن الحكم بالإجزاء فيه من الشّارع بمعنى إسقاط امتثال الأمر الظّاهري للأمر الواقعي بشرط أن يكون فيه مصلحة جابرة لما يفوت عن المكلّف من مصلحة الواقع ، إلاّ أنّ مقتضى القاعدة عدم الحكم بالإجزاء فيؤخذ بها ما لم يقم الدّليل على الخروج عنها.
بخلاف ما لو لم يكن هناك أمر أصلا ، بل إنّما اعتقد المكلّف ثبوت الأمر مع عدم وجوده في الواقع كما في الجاهل المركّب ؛ فإنّه لا معنى للحكم بالإجزاء فيه ، وإن اختاره بعض من حيث امتثاله للأمر ، وإن أمكن الحكم بكون عمله مع عدم تعلّق أمر به أصلا مسقطا عن الواقع من حيث اشتماله على المصلحة كما عرفت بعض الكلام فيه فيما قدّمنا لك في الجزء الثّاني من التّعليقة.
كما أنّا فصّلنا القول فيه فيما عملناه في « مسألة الإجزاء » فإذا تحقّق أنّ الإجزاء من الأحكام العقليّة للمستصحب فلا معنى لإثباته بالاستصحاب.
فإن قلت : نجعل المستصحب نفس الإجزاء فيترتّب عليه جميع أحكامه لا الطّهارة ، فيحكم من جهة استصحابها بالإجزاء وعدم الإعادة حتّى يقال : بأنّه من الآثار العقليّة. وهذا التّقرير سالم عمّا يرد على الأوّل ؛ لأنّ الأمر الغير الشّرعي لا يمكن إثباته بإجراء الاستصحاب في أمر غير شرعيّ آخر.
وأمّا جعله موردا للاستصحاب والتّنزيل الشّرعي حتّى يترتّب عليه أحكامه الشّرعيّة فلا مانع عنه أصلا ، وإلاّ لاختلّ أمر الاستصحاب في غير الأحكام