فالمراد من اليقين والشّك هو سببهما باعتبار اقتدار المكلّف فعلا عليهما. فالمقصود من قوله : « لا تنقض اليقين بالشّك » (١). هو الأمر بتحصيل اليقين بالبراءة بعد هذا بإتيان ما يوجبه ، والنّهي عن الإتيان بما يوجب الشّك فيها وهذا لا دخل له بمعنى الاستصحاب الّذي هو عبارة عن انسحاب اليقين السّابق والالتزام بأحكامه في اللاّحق كما لا يخفى.
وأمّا كيفيّة تطبيق الوجه الثّاني على هذا المعنى وبيان : أنّ الرّكعة المنفصلة كيف يكون بمقتضى الاحتياط ، وأخذا بما يوجب اليقين بالبراءة وطرحا لما يوجب الشّك فيها ـ مع أنّ هذا العمل في باديء النّظر مخالف للاحتياط ؛ من حيث استلزامه زيادة التّكبير والتّشهّد والتّسليم ، ولهذا قيل : إنّ مقتضى قاعدة الاحتياط على تقدير عدم اعتبار الاستصحاب في المقام : هو رفع اليد عن العمل والإتيان به ثانيا بعد إيجاد المبطل ، ولا يعارض (٢) : بأنّ مقتضى ما دلّ على حرمة قطع العمل ووجوب المضي عليه : هو عدم جواز رفع اليد ، فكيف يقال : إنّ مقتضى القاعدة هو قطع العمل والإتيان به ثانيا؟ لأنّ المفروض بعد حصول الشّك احتمال بطلان الصّلاة بنفسها كما هو الشّأن في الشّكوك المبطلة فتدبّر. فلا يعلم بعده بصدق
__________________
(١) الموجود في الرواية : ولا ينقض اليقين ... إلى آخره.
أنظر الكافي الشريف : ٣ / ٣٥١ باب « السهو في الثلاث والأربع » ـ ح ٣ ، والتهذيب : ٢ / ١٨٦ باب « أحكام السهو في الصلاة وما يجب منه إعادة الصلاة » ـ ح ٤١ ، والإستبصار : ١ / ٣٧٣ باب : « من شك في إثنتين وأربعة » ـ ح ٣ ، عنهما الوسائل : ٨ / ٢٢٠ باب ١١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ـ ح ٣.
(٢) المعارض هو الأستاذ العلاّمة بعد ما ذكرت وعرفته : « منه دام ظلّه ».