بالاستمرار أيضا لا يثبت إرادة الاستصحاب وتعيّن حمل الرّواية عليها ؛ لأنّ الاستصحاب كما عرفته سابقا ليس هو مجرّد الحكم باستمرار الشيء الثّابت ، بل يفتقر زيادة على هذا إلى كون الاستمرار مستندا إلى نفس الثّبوت في الزّمان السّابق ، ومن المعلوم أنّ هذا لا يستفاد من مجرّد الحكم بالاستمرار.
نعم ، مورد الرّواية على هذا التّقدير يصير من موارد المستقرأ فيها من حيث حكم الشارع فيها على استمرار الحالة السّابقة.
لا يقال : لو كان الأمر كما ذكرت لسرت الشّبهة إلى الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشّك أيضا ؛ فإنّها أيضا لا تدلّ إلاّ على وجوب الالتزام في زمان الشّك بالأحكام الثّابتة للمتيقّن الملتزم بها في زمان اليقين ، وهذا هو معنى الاستمرار وليس فيها شيء زائد عليه.
لأنّا نقول : أمّا الأخبار المذكورة فقد عرفت : أنّ أكثرها مشتملة على التعليل باليقين السّابق ، وأنّ الحكم في الزّمان اللاّحق إنّما هو من جهته. وأمّا الأخبار الخالية عن التّعليل المذكور فهي أيضا ظاهرة في كون العلّة نفس اليقين السّابق ، كما في قوله عليهالسلام في المكاتبة : ( اليقين لا يدخله الشّك صم للرّؤية وأفطر للرؤية ) (١) ؛ فإنّ الظّاهر منه ـ كما لا يخفى على من له تأمّل ـ كون قوله : ( اليقين لا يدخله الشّك ) في قوّة الكبرى الكليّة حسب ما تقدّم بعض القول فيه.
__________________
(١) التهذيب : ٤ / ١٥٩ باب « علامة أول شهر رمضان وآخره ودليل دخوله » ح ١٧ ، والإستبصار : ٢ / ٦٤ باب « علامة أوّل يوم من شهر رمضان » ح ١٢ ، عنهما الوسائل : ١٠ / ٢٥٥ باب « ان علامة شهر رمضان وغيره رؤية الهلال » ح ١٣.