في صورة الشّك على سبيل القطع فلا معنى لإجراء الاستصحاب.
ونظير استصحاب الاشتغال في الفساد استصحاب البراءة أيضا ؛ لأنّ حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان متفرّع على عدم الإعلام ووصول البيان إلى المكلّف ولو كان التّكليف موجودا في الواقع ، وهذا المناط موجود في صورة الشّك قطعا وليس منوطا بعدم التّكليف الواقعي والبراءة النّفس الأمريّة حتّى يجري الاستصحاب هذا.
مضافا إلى ما في استصحاب الشّغل والتّكليف في المقام من وجوه الفساد من جهات أخر ، مثل : أنّه استصحاب للحكم مع عدم إحراز موضوعه ؛ فإنّ الواجب على المكلّف صوم شهر رمضان لا صوم مطلق الشّهر ، وإلاّ لما شكّ فيه بانقضاء الرّمضان ، فالزّمان الخاصّ إذن موضوع للحكم ، ومع الشّك فيه كيف يمكن استصحابه؟ وإلاّ لزم إثبات حكم في غير موضوعه وهو محال ؛ وهذا بخلاف قاعدة الاشتغال ؛ فإنّها مبنيّة على مجرّد احتمال بقاء الشّهر ، وهذا الموضوع موجود في صورة الشّك قطعا.
ومثل : أنّ المقصود من استصحاب الاشتغال على تقدير جريانه ليس إلاّ الحكم بوجوب الإتيان في زمان الشّك ، ومن المعلوم أنّ هذا من الآثار العقليّة للمستصحب لا الشّرعيّة إلى غير ذلك فالأصل الحكمي في المقام : من حيث رجوع الشّك فيه إلى الشّك في التّكليف النّفسي المستقلّ من جهة كون الدّوران بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين هو البراءة ، لا الاشتغال ولا استصحابه على تقدير كون الصّوم في أوّل الشّوّال حراما تشريعيّا ، والتّخيير على تقدير القول بكونه حراما ذاتيّا.