أقول : حاصل الجواب عن هذا الأصل يرجع إلى ثلاثة أمور :
أحدها : أنّ تمسّك العلماء بل وجميع أهل اللّسان بالأصول الجارية في باب الألفاظ ـ سواء كانت وجوديّة أو عدميّة ـ ليس من حيث الاتّكال على الحالة السّابقة والبناء على اعتبار الاستصحاب ، بل من حيث إنّها قواعد لفظيّة مفيدة للظّن بالمراد ولو نوعا مع قطع النّظر عن الاستصحاب واعتباره ، وإن جامع مورد أكثرها مورد الاستصحاب. ومن المعلوم أنّ مجرّد الاجتماع بحسب المورد لا يقضي باعتبار الاستصحاب كما لا يخفى.
ثانيها : أنّ الأصول المفروضة في كلام المستدلّ هي الأصول العدميّة فلو بنى أنّ بناء أهل اللّسان والعلماء عليها في كلّ زمان إنّما هو من جهة الاستصحاب ليس إلاّ ، لم ينفع في إثبات المدّعى.
وتتميمه بعدم القول بالفصل ، فيه : ما لا يخفى ؛ لوجود القول بالفصل من بعض ، وإن استشكل فيه الأستاذ العلاّمة.
ثالثها : أنّها أصول جارية في مورد الشّك في الرّافع بناء على إلحاق
__________________
فإن الأمور الواقعة واقعة على ما هو مقدر مكتوب في اللوح المحفوظ ، والظن المعتمد عليه لا يتفاوت سواء بني على عدم وقوع الطرف المرجوح أم لم يبن.
ودعوى : ان الظن والظهور فيما نحن فيه مستند إلى الأصول العدميّة المذكورة أيضا ، بيّنة الفساد ، يشهد بذلك ما اشتهر في السنتهم : من ان المخصّصات والمقيّدات وقرائن المجازات قرائن صارفة عمّا يقتضيه اللفظ الموضوع في نفسه ، فاللفظ ظاهر في المعنى ، والقرينة لو كانت موجودة تصرفه عن ظهوره إلى غيره » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٣ / ١١١.