لأنّا نقول : مجرّد كون عدم القرينة شرطا لا يقضي بوجوب إحرازه بالقطع ، بل يكفي فيه الرّجوع إلى أصالة عدمها ، فالشّرط هنا أيضا محرز ولو بالأصل ، وأمّا الشّرط الّذي لا بدّ من إحرازه بغير الأصل فإنّما هو في الشّرط المخالف له ، وهو الشّرط الوجودي. وأمّا الشّرط الموافق للأصل فيكفي في إحرازه نفس الأصل ، فالمدار إنّما هو على كون الشيء المأخوذ في غيره موافقا للأصل أو مخالفا له.
نعم ، عدم المانع دائما موافق للأصل ما لم يعلم بوجوده في زمان يحكم بعدمه ، كما أنّ الشّرط إذا كان وجوديّا يحكم بعدمه ، إلاّ إذا أحرز وجوده ولو باستصحاب الوجود السّابق.
ثانيها : تسليم كونهما مقتضيين والخاصّ والمقيّد مانعين ، لكن مجرّد إحراز المقتضي ولو كان لفظا لا يكفي في الحكم بثبوت المقتضي ما لم يحرز عدم المانع ولو بالأصل ، فإذن ننقل الكلام إلى هذا الأصل فنقول : ما الدّليل على اعتباره؟ فإن كان من باب استصحاب العدم ، فالكلام في اعتبار الاستصحاب ، وإن كان من جهة أخرى غير الاستصحاب ، فيخرج عن محلّ البحث.
ثالثها : أنّه بعد تسليم عدم ورود جميع ما ذكر يرد عليه : أنّ المانع غير الرّافع ، والمخصّص إن كان مانعا فإنّما هو يمنع عن أصل الظّهور ، لا أن يكون رافعا له بعد وجوده كما هو مفروض كلام المستدلّ ، وشتّان بينهما. وبعبارة أخرى : القرينة تمنع عن ظهور اللّفظ في معناه الحقيقي ، لا أن يكون رافعا للظّهور الثّابت له. نعم للّفظ على القول بكون القرينة مانعة ظهور شأني في المراد ، فالقرينة بالنّسبة إليه يكون دافعة.
رابعها : أنّ المعنى المذكور لا دخل له بالاستصحاب ؛ لأنّه تمسّك بالظّهور