بالتخطئة في ظنون المجتهد ، فقد يزعم الجاهل بكلمات شيخنا : أنّ للحكم الظّاهري عنده ، بل عندهم : إطلاقين : أحدهما أعمّ من الآخر ، الأوّل : ما ثبت للجاهل بالواقع ، الثّاني : ما ثبت للشّاك بالواقع ، أو ما ثبت للشّيء من حيث الشّك في حكمه الأوّلي. والأوّل أعمّ من الثّاني ؛ فإنّ الحكم الثّابت للشيء من حيث الجهل بحكمه الأوّلي قد يتعلّق به من حيث الظّن به ، وقد يتعلّق به لا من الحيثيّة المذكورة ، بل من حيث عدم العلم به والشّك فيه ، فيشمل الحكم الظّاهري على الإطلاق الثّاني. فقوله : « إن عدّ الاستصحاب من الأحكام الظّاهريّة » (١) جار على الإطلاق الثّاني الأخصّ ، المختصّ بموارد الأصول التّعبّدية هذا.
وأنت خبير بعدم الإطلاقين للحكم الظّاهري.
نعم ، وجود القسمين له ليس محلاّ للإنكار ، فالمراد من الحكم الظّاهري في قوله ـ كما يفصح عنه صريح كلامه ـ : هو الثّابت للموضوع من حيث عدم العلم بحكمه الأوّلي لا من حيث الظّن به شخصا ، أو نوعا ، فلا شبهة في المراد من العبارة ، ولا حاجة إلى إثبات الإطلاقين والمعنيين للحكم الظّاهري.
والمقصود ممّا أفاده : بيان أنّ عنوان الاستصحاب في الأصول العمليّة وعدّه منها على ما اقتضاه التّقسيم في الجزء الأوّل من « الكتاب » (٢) : إنّما هو إذا قيل به :
من باب الأخبار ، ولم نقل بكونها ناظرة إلى بيان حجيّة ظن الاستصحاب بحيث يكون الملحوظ فيها ذلك كما احتمله المحقّق القميّ قدسسره ومال إليه بعض من تأخّر ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ١٣.
(٢) نفس المصدر : ج ١ / ٢٥.