__________________
فنقول : أمّا الغلبة فهي في اصطلاح القوم عبارة عن مشاركة أغلب أفراد كلي في صفة أو حكم بحيث يظنّ بكون الكلّي الجامع بينها هي العلّة لثبوت تلك الصفة أو الحكم فالحاكم بالغلبة لا بد له من تحقيق المساواة والمشاركة بين أغلب الأفراد على الوجه المذكور.
وثمرتها : أنّه إذا شكّ في وجود هذا الحكم أو الصّفة في فرد من أفراد هذا الكلّي المتتبّع في أغلب أفراده يحكم على هذا الفرد المشكوك فيه بما وجد في أغلب أفراده من الحكم أو الصّفة لأجل الظنّ بعلية الجامع بينها مثالها من غير الشّرعيّات أنا اذا رأينا أكثر أفراد الزنجي أسود على وجه ظنّنا أنّ الزنجيّة لها دخل في ثبوت السّواد لها وأنّها العلّة لذلك.
فإذا شككنا في زنجي أنّه أسود أو أبيض نحكم بكونه أسود إلحاقا له بالاعمّ الأغلب وتسوية بينه وبين الأفراد المستقرأ فيها في تلك الصفة الّتي فرض الظنّ بكون علّة ثبوتها عند العقل هو القدر الجامع الموجود بينها فيحكم لأجل وجود القدر الجامع فيه بوجود الصّفة فيه أيضا لدوران المعلول مع علّته التّامّة وجودا وعدما.
ومثلها من الشّرعيّات قول من استدل على أن الوتر ليس بواجب بأنّه يؤدى على الرّاحلة ولا شيء من الواجب يؤدى على الرّاحلة والمقدّمة الأولى إجماعية والثّانية ثابتة بالغلبة لأنا إذا رأينا أنّ القضاء والأداء وسائر أصناف الواجبات لا تؤدى على الرّاحلة حكمنا على كلّ واجب بأنه لا يؤدى على الرّاحلة بعلية الجامع المظنون العلية وخرجت بقولنا مشاركة أغلب أفراد ... إلى آخره. مشاركة أقلّها لعدم إفادتها الظنّ بثبوت الحكم للكلّي ليتعدى منه إلى الفرد المشكوك فيه ومع تسليمه لا يسمّى ذلك غلبة في الاصطلاح.
وخرج بقولنا : أفراد كلي ... إلى آخره التي لم يلاحظ بينها كلي جامع وإن كانت أغلب في النظر فلا يصحّ الحكم من اشتراك أفراد كثيرة من أنواع مختلفة من الشجر بكون هذا الشجر المشكوك فيه أيضا مثمرا لعدم الجامع بينها وبينه ؛ إذ المراد بالجامع ليس مجرّد اشتراكها في وصف وإلاّ فجميع الأشياء مشتركة في وصف من الأوصاف ولا أقلّ من الشيئية بل المراد به