__________________
قياسا محضا لا حكما بالغلبة والاستقراء.
وقد وقع الاشتباه في ذلك لجماعة في جملة من المقامات كما استدلّ بعض على فورية الأمر بأن أغلب الألفاظ الواقعة في مقام الإنشاء أو الإخبار كبعت واشتريت وغيرهما من ألفاظ العقود والإيقاعات وكجملة ( زيد ضارب وعمرو مضروب ويضرب زيد ) ونحوها من الجمل الخبرية مفيدة للحال فتلحق صيغة افعل بها أيضا إلحاقا بالأعمّ الأغلب.
وأجاب عنه صاحب المعالم : بكون ذلك قياسا في اللّغة لأنّك قست الأمر في إفادته الفور على غيره من الخبر والإنشاء وبطلانه بخصوصه ظاهر. انتهى.
وأنت خبير بأن المستدلّ قد تمسك بالغلبة وصاحب المعالم قد أجابه بكونه قياسا والوجه فيه : ما ذكرناه من كون الجامع في الغلبة واقعيّا لا اعتباريا وإلاّ فهو قياس محض والجامع بين الأمر وغيره من الجملات الإخباريّة والإنشائيّة ليس بواقعي تستند إليه إفادتها للحال في ظن المتتبع حتّى يستند إليه في إثبات إفادة الأمر للفور إذ ما يصلح أن يكون جامعا بينهما إمّا كونها جملة أو ملفوظة وكلّ منهما لا يصلح أن يكون مستندا لكونها للحال في ظن المتتبع وهو واضح فمع اشتباه الحال في ذلك لا بد لمن يعمل بالإستقراء والغلبة أن يعمّق النظر ويدقق الفكر في تمييز مواردهما عن موارد القياس لئلاّ يختلط بعضها ببعض لكون العمل به محظورا في الشّرع بالضّرورة حتّى عند القائلين بالظنون المطلقة بل هذه الفرقة هم المحتاجون إلى تمييز مواردهما عن موارد القياس لكون العمل بالغلبة والاستقراء محظورا عند القائلين بالظنون الخاصّة كغيرهما من الظنون غير المعتبرة فلا فرق عندهم بين هذه الأمارات والقياس في عدم جواز العمل بكلّ منهما.
ثم إن للغلبة مراتب مختلفة لأنّها قد تلاحظ في أفراد جنس قريب أو بعيد وقد تلاحظ في أفراد نوع من جنس وقد تلاحظ في افراد صنف من نوع وقد تتفق أحكام هذه المراتب بأن يستقرأ أفراد الحيوان فيحكم على كلي هذه الأفراد بحكم أو صفة من جهة استقراء أغلب