اعتبار الاستصحاب من باب الظّن الشّخصي والغلبة ممّا يوجب سقوط اعتباره في كثير من الموارد ، وهو ممّا لم يلتزم به أحد إلاّ قليل ممّن تأخّر.
وأمّا الشّبهات الحكميّة فقد عرفت : منع تحقّق الغلبة المعتبرة فيها في غير الشّك في النّسخ.
نعم ، ذكر الأستاذ العلاّمة في مجلس البحث : أنّه يمكن الحكم باعتبار الاستصحاب في الشّبهات الحكميّة في الشّك في الرّافع من جهة بناء العقلاء لا بمعنى استقراره على العمل باستصحاب المقتضى ـ بالفتح ـ حتّى يقال : إنّك قد منعت تحقّق سبب الظّن والغلبة بالنّسبة إليه ، بل بمعنى استقراره على استصحاب عدم وجود الرّافع للحكم الشّرعي الّذي فرض وجود المقتضي لثبوته بعد الفحص والبحث عمّا يقتضي الرّفع في مظانّه.
ولازم هذا وإن كان هو البناء على وجود المقتضى ـ بالفتح ـ إلاّ أنّه ليس من جهة استصحاب نفسه ، بل من جهة استصحاب عدم ما يرفعه ، فبناء العقلاء ـ على تقدير تسليم وجوده ـ إنّما ينفع للقول باعتبار الاستصحاب في الشّك في الرّافع ، لا في الشّك في المقتضي ، فيصير دليلا على القول المختار ، هذا ملخّص ما ذكره.
ويمكن الخدشة فيه : بأنّ هذا يرجع إلى التمسّك بطريق آخر : وهو قاعدة عدم الدّليل دليل العدم بعد الفحص في مظانّ الوجود والحكم بالبقاء من جهته لا دخل له بالاستصحاب فتأمّل.
ومن هنا تعرف النّظر فيما ذكره شيخ الطّائفة المحقّة النّاجية في بيان الاستدلال بالاستصحاب. مضافا إلى ما يرد عليه : من عدم دليل على اعتبار هذا الظّن الحاصل من القاعدة المذكورة. اللهمّ إلاّ أن يدّعى بناء العقلاء على الأخذ به